د دعاء شكري تكتب:رحلة تطور الإحصاء في مصر بالوثائق التاريخية
رحلة تطور الإحصاء في مصر بالوثائق التاريخية
استكمالا لما تم تناوله في المقال السابق فيما يتعلق بتاريخ الإحصاء والتعداد في مصر سنتناول في هذا المقال مراحل تطور الإحصاء في مصر والتي تمثلت في ثلاث مراحل أساسية يمكن توضيحها كمايلي:
المرحلة الأولى : تاريخياً منذ قدماء المصريين
تم اجراء حصر للشباب بالقطر المصري فى سن التجنيد وكذلك لحصر الحيازة الزراعية والانشطة الاقتصادية في عام 3340 ق.م.
المرحلة الثانية: القرن التاسع عشر ( 1847 – 1882 )
في عام 1870 تم إنشاء أول مكتب للإحصاء فى عهد الخديوى إسماعيل وسُمي بعد ذلك “بمصلحة عموم الإحصاء”، وأعيد تنظيم المكتب ليكون المكتب المركزى للإحصاء في عام 1878، وأُجري أول تعداد سكاني شامل ذو معايير حديثة في مصر عام 1882 وسُمي بـ”تعداد النفوس” ، كما صدر أول كتاب إحصائي سنوي عام 1909.
الصورة الضوئية من وثائق تعداد النفوس لبعض اقسام مصر خلال الفترة من 1847- 1882
المرحلة الثالثة :
في عام 1905 تم إنشاء “مكتب عموم الإحصاء” وكانت تبعيته لمصلحة المساحة المصرية، وفي عام 1911 تم انشاء “مصلحة عموم الاحصـاء” وضمت 800 مـوظـف. وخلال عام 1917 تم إدخال عمليات التعداد وسميت بـ “مصلحة الإحصاء والتعداد”، وفي عام 1953 صدر القانون رقم 337 لسنة 1953 فى شأن تنظيم وزارة الحربية سابقاً (الدفاع حالياً) موضحاً بهذا القانون الإدارات التابعة لوزارة الحربية ومن بينها إدارة التعبئة العامة، وتغيير مسمى مصلحة الإحصاء والتعداد في عام 1953 إلى مسمى “إدارة التعبئة العامة” كما صدر القرار الجمهورى رقم 743 لسنة 1963 بضم مصلحة الإحصاء والتعداد إلى إدارة التعبئة العامة تحت مسمى “مصلحة التعبئة العامة والإحصاء” في عام 1963 .
فى القرن العشرين
وفي عام 1964 صدر قرار رئيس الجمهورية رقم (2915) لسنة 1964 بإنشاء وتنظيم الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، على أن يكون المصدر الرسمى فى جمهورية مصر العريبة لامداد اجهزة الدولة والجامعات ومراكز البحوث والهيئات والمنظمات الدولية بالبيانات والاحصاءات التى تساعد فى اعمال التخطيط ورسم السياسات واتخاذ القرارات واجراءات البحوث.
ومع دخول عصرالتكنولوجيا، شهد العمل الإحصائي في مصر نقلة نوعية كبيرة من خلال استخدام الحاسبات الإلكترونية وتطوير قواعد البيانات المركزية الحديثة. كما تم تطوير أساليب جمع البيانات باستخدام التقنيات الحديثة مثل المسح الإلكتروني والجمع الآلي للبيانات، مما ساهم في تحسين دقة وسرعة العمل الإحصائي وكان ذلك في عام 1970.
وقد حرص الجهاز على تطوير المنهجيات الإحصائية المستخدمة لتتوافق مع المعايير الدولية، حيث تم تحديث أساليب المعاينة والمسوح الإحصائية واستخدام النماذج الإحصائية المتقدمة في تحليل البيانات باستخدام الحاسب الآلى، كما تم التركيز على تحسين جودة البيانات وموثوقيتها لتلبية احتياجات مختلف المستخدمين.
وعلى صعيد المشروعات الإحصائية الكبرى، كان للجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء الريادة في استخدام نظام التسجيل المرئي للبيانات كأول تجربة من نوعها في منطقة الشرق الأوسط والتي أشادت بها الأمم المتحدة .
كما نفذت مصر العديد من التعدادات السكانية العامة بشكل دوري كل عشر سنوات، إضافة إلى المسوح الاقتصادية الشاملة ومسوح الدخل والإنفاق. كما تم تطوير إحصاءات التجارة الخارجية وغيرها من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية الهامة.
ولم يقتصر التطور على الجانب التقني فقط، بل شمل أيضاً تطوير القدرات البشرية من خلال إنشاء مراكز تدريب متخصصة وتحديث برامج التدريب للعاملين في المجال الإحصائي. كما تم تحسين آليات التنسيق مع مختلف الجهات الحكومية لضمان تكامل العمل الإحصائي.
وفي مجال النشر والتواصل، تم تطوير آليات نشر البيانات الإحصائية من خلال إصدار النشرات الدورية وتطوير منصات النشر الإلكتروني. كما تم تعزيز الشفافية وتسهيل وصول الباحثين وصناع القرار إلى البيانات الإحصائية الرسمية.
وفي مجال التعاون الدولي، عززت مصر شراكاتها مع المنظمات الدولية المتخصصة وتبادلت الخبرات مع الأجهزة الإحصائية العالمية. كما شاركت بفعالية في المؤتمرات والندوات الدولية، ونفذت العديد من المشروعات المشتركة لتطوير العمل الإحصائي.
وفي عام 1980 صدر قرار جمهوري بأن يصبح الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء هو الجهة المختصة بتقديم الخبرة الاستشارية لجميع أجهزة الحكومة والقطاع العام في كل مايتعلق بشراء وتأجير واستخدام أجهزة الحاسبات الالكترونية، وأنشأ الجهاز وقتها أول بنك معلومات عن الموارد البشرية بالدولة.
كما قام الجهاز في عام 1996بإنشاء مركز القومي للمعلومات والبيانات متصل بشبكة المعلومات الدولية “الانترنت” لتوفير البيانات والدراسات اللازمة عن الاقتصاد المصري واتاحتها لجميع الباحثين والدارسين ورجال الأعمال خاصة بعد التطور التكنولوجي للمعلومات والذي أصبح ضرورة لتدعيم قوة الدولة إقتصادياً وسياسياً وبشرياً وعسكرياً لتحقيق أهدافها القومية الطموحة.
في عام2002 أطلق الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء العديد من المشروعات التي تتكامل مع خطة الدولة لإنشاء الحكومة الالكترونية والخرائط الرقمية لتحديد مواقع الأجهزة والخدمات والطرق بالإضافة لاستكمال قواعد البيانات الالكترونية التي تغطي جميع قطاعات الاقتصاد المصري
ونفذ الجهاز أول تعداد إلكتروني في عام2017 بإستخدام أجهزة التابليت الرقمية المحمل عليها الخرائط الرقمية باستخدام نظام الـ GIS المتصلة بنظام تحديد المواقع العالمية GPS مما أدى إلى إنجاز التعداد العام للسكان والإسكان والمنشآت فى وقت قياسى نتيجة لسرعة نشر النتائج النهائية للتعداد والمساهمة في دعم عملية اتخاذ القرارات المبنية على البيانات في مصر.
ويسعى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء منذ تنفيذ تعداد السكان عام 2017م إلى تطوير التطبيقات التي يتم من خلالها جمع البيانات ومعالجتها بالطرق الحديثة في ظل تطبيق استراتيجية التحول الرقمي، وبهذا الاستعراض نكون قد انتهينا من رحلة تطور الإحصاء في مصر… بالوثائق التاريخية، وإلى اللقاء في سلسلة من الموضوعات المتنوعة بإذن الله تعالى.