مقالات الرأى

د هاشم حلمي يكتب: المسئولية في أعمال البريد



 

من الواجب الوظيفي التزام العامل القرارات الإدارية الصادرة له وفقا لللوائح والقوانين والحرص على عدم مخالفتها، ولكن هناك ضوابط وضعها المشرع المصري للموظف العام وعمل على حمايتها حيث أقر القانون المدني المصري في المادة 167 منه على ان لا يكون الموظف العام مسؤولا عن عمله الذي أضر بالغير إذًا قام به تنفيذا لأمر صدر إليه من رئيس متى كانت طاعة هذا الأمر واجبه عليه ، أو كان يعتقد آنها واجبه وأثبتت انه كان يعتقد مشروعية العمل الذي وقع منه وكان اعتقاده مبنيا على اسباب معقولة ، وانه راعى في عمله جانب الحيطة.
العلم والقانون في أعمال البريد
تتحقق المسئولية في حالة ما إذا كان خطأ التابع متمثلًا في عمل من أعمال وظيفته، وهذا الفعل يتحقق أثناء ما يؤدي التابع أعماله برعونة أو عدم تبصر مما يترتب على هذه الأعمال إلحاق الضرر بالغير، وتطبيقًا على ذلك العامل البريدي الذي يلحق بالضرر بالغير وهو في الأصل العملي تابعا للمرفق البريدي ففي هذه الحالة يكون الفعل الضار بالغير الصادر من التابع يرتبط برابطة وثيقة بأصل اختصاصه الوظيفي ولذلك إذا انتفت هذه الرابطة فلا تَنعد المسئولية في جهة المتبوع وتطبيقًا آخر خطأ السائق للقطار الذي قام بتحريك القطار بالرغم أن الإشارة الحمراء تستدعي عدم التحريك أو تم التنبيه بعدم التحرك ويُعد ذلك إهمال من السائق يستوجب مسئولية المصلحة وهي مصلحة السكك الحديدية، ولذلك فان المسائلة للتابع لا تثار الا إذا كان قد أساء تنفيذ التعليمات الصادرة إليه من المتبوع.
إن علاقة التابع الذي يعمل لحساب المتبوع علاقة عملية يكلف بها التابع لأداء عمل مقابل أجر أو خدمة للمتبوع، ومنها على سبيل المثال أعمال المحاماة وأعمال الشركات والأعمال النيابية التى ينوب عنها شخص لعمل لحساب شخص اخر، ويكون ذلك عن طريق عقد أو اتفاق بينهم، وعلى سبيل ذلك يترتب على هذه الأعمال مسئوليات إدارية أو مدنية أو جنائية كل موضوع على حسب الوقائع التى يترتب عليها الخطأ، ومنه ينتج الضرر للشخص المضرور، والعلاقة بين التابع والمتبوع هي علاقة عملية، ومن يضع نفسه في إطار المسئولية عن الأمر يجب عليه قبول المخاطر التى تَنشأ من وراء هذا العمل، ومن هنا نجد أن التابع يتبع المتبوع والمسئولية المحددة على المخاطر وتكون مسئولية صريحة وواضحة حسب ما يأتي في الإثبات الذي يحدد من هو المسئول هل هو التابع أو المتبوع ؟ والاجابة على هذا تستند المسئولية للمتبوع تجاه التابع والرجوع عليه أو عليهما معًا؛ لأن الإثنان متضامنان أمام المضرور، فاذا رجع الأخير على التابع فهذا حقه، وإذا رجع على المتبوع وقام بتعويضه حقًا للمتبوع الرجوع على التابع بقيمه مادفعه للمضرور.
ويظهر ذلك خلال البحث في الموضوع نفسه والوقوف على أدلة الاثبات في مدي تحديد المسئولية المدنية تجاه المتسبب في الخطأ، وفي حالة قبول المتبوع عمل التابع، فلابد أن يكون هناك توقعًا للخطأ أو تأكيد لوقوع خطأ أو علم بوقوع خطأ، ومن هنا يظهر السؤال هل المتبوع الذي كَلف التابع على علم ومعرفة بالخطأ أم لا ؟ وبالرغم من ذلك كلف التابع، فهنا نكون أمام إعطاء أوامر رئاسية من قبل المتبوع للتابع، بالرغم من أن التابع قام بالتنبيه على المتبوع كتابة بعدم التصرف في هذا الأمر ورغم ذلك كلفه وأمره، فهنا الأمر يكون فيه شِقان، وهما مسئولية المتبوع عن أعمال التابع دون مسألة التابع عن هذه الأعمال، ولكن إذا كان في إمكان التابع عدم تنفيذ أوامر خاطئة، فيكون هذا الرأي أفضل له من أن ينفذ، ولكن في حالة خطأ التابع دون علم المتبوع وهو يعلم أنه خطأ، فيسأل التابع عن فعله ولا مسئولية على المتبوع، طالما قام المتبوع بالتنبيه على التابع بالتزام اللوائح والقوانين والقرارات وعدم مخالفة ذلك، وفي حالة المخالفة يتعرض التابع للمسئولية القانونية دون الرجوع على المتبوع ومسألته؛ لأن المتبوع لا علم له بخطأ التابع ومخالفة التعليمات والقوانين واللوائح المنظمة للعمل الذي يقوم به لحساب المتبوع ..

زر الذهاب إلى الأعلى