د. عبد الراضي رضوان يكتب: سيكولوجية الجميل بين الوفاء والنكران
لماذا ينكر اللئيمُ والغدار والخسيسُ الجميلَ والفضلَ والمعروفَ ؟
قبل استهلال جواب السؤال وتحليل نفسية ناكر الجميل ينبغي التأكيد على ضرورة عدم التوقف عن صناعة المعروف والجميل للجميع سواء أكان بُلْبُلا مغرِّداً أم كان بُومةً ناعقةً لأن صناعة الجميل وتقديم الفضل واجبٌ أخلاقيٌّ ودينيّ لقوله تعالى: (إنما نطعمُكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً ) ، وقوله صلى الله عليه وسلم : ( أفضل الفضائل أن تصلَ مَنْ قَطَعك وتعطيَ مَنْ مَنَعك وتصفحَ عمّن شتَمَك ).
أما أسباب نكران الجميل ودوافع ناكر الفضل وجاحد الجميل فتكمن في :
أولا ..
قلة اليقين والإيمان بالله لدى ناكر الجميل لذلك لم يف بالعهد الأخلاقي بينه وبين صاحب الجميل كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إن حُسْن العهد من الإيمان ).
ثانيا..
عدم رضا ناكر الجميل بقضاء الله وقدره في تميز صاحب الجميل وتفضيل الله له بما يجعله مانحاً مستغنياً بينما ناكر الجميل سائل محتاج تصديقاً لقوله تعالى : ( يعرفون نعمة الله ثم ينكرونها ) النحل ٨٣ .
ثالثا..
طبيعة الشرّ المتأصلة داخل ناكر الجميل وانعدام الخير فيه كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم : خيرُكم مَنْ يُرجَى خيرُه ويُؤمَن شرُّه ، وشرُّكم مَنْ لا يُرْجَى خيرُه ولا يُؤمَن شرُّه ).
رابعاً..
الغيرة والحسد تجاه صانع المعروف ذلك الحسد الذي خلَقَ عقدة نقص تلازم ناكر الجميل تذكِّره دائما بتميز صانع الجميل وفضله ويده العليا على ناكر الجميل ذي اليد السفلى ؛ ولذلك يحاول ناكر الجميل دائما تبديل الحقائق وتزوير الوقائع من خلال الكذب والتزييف والكتمان والتحايل لفرض حالة جديدة يتم فيها إخفاء الجميل وستره وجحده ، كي يتمكن ناكر الجميل من ادعاء الأحقية والتميز والجدارة بما استحوز عليه بأفضال وجمائل الغير.
خامسا..
تأثير البيئة الاجتماعية التي نشأ فيها ناكر الجميل تلك البيئة التي لا تعرف معروفاً ولا وفاءً ولا مقابلة إحسان بإحسان.
سادسا..
عدم التوازن النفسي فى شخصية ناكر الجميل إذ إنه دائما شخصية غير سوية ناقمة ساخطة رافضة للواقع كارهة لما فيه كثيرة السبّ والقدح والذم والهجاء للمحيطين به والمخالطين له ، ناقمة على ما هم فيه من نِعَمٍ يتمتعون بها بينما هو يرى أنه الوحيد المستحق لذلك أو القادر على توزيعها بما يرى.
سابعاً..
خبث في الطبع يتميز به اللئيم ، فاللئيم كفور مكفور ، المعروف لديه ضائع والشكر عنده مهجور ، بينما الكريم شكور مشكور .
ولناكر الجميل دائما مبررات يبرر بها سلوكه المشين وانتهازيته المقيتة وأنانيته البغيضة مُدَّعياً أن ذلك نوع من الدهاء السياسي أو الفهلوة والشطارة والمهارة.
ثامناً..
الحماقة
فناكر الجميل يظن أن صانع المعروف له ومقدم الجميل قد قام بالواجب عليه تجاه ناكر الجميل ، وليس ذلك من باب الفضل والإحسان إليه.
أ د عبد الراضي رضوان
العميد السابق لكلية دار العلوم جامعة القاهرة