أخبار ومتابعات

الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية: الأقدار شاءت أن يتسلم الأزهر مشعل الهداية من قرون الخيرية الأولى في طبقتها الرابعة من طبقات عمر الأمة، وجهود الأزهر في شرعة علوم المنقول والمعقول قصة بناء

متابعات يوتوبيا

 

ألقى فضيلة الدكتور محمد عبد الرحيم البيومي، الأمين العام للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، كلمة وزارة الأوقاف، نيابة عن معالي الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، في افتتاح المؤتمر الدولي الثاني حول «جُهُودُ الأَزْهَرِ الشَّرِيفِ (جَامِعًا وَجَامِعَةً) فِي النَّهْضَةِ العِلْمِيَّةِ الحَدِيثَةِ فِي العُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ وَالعَرَبِيَّةِ وَالإِنْسَانِيَّةِ».

وفي مستهل كلمته قال فضيلته إن الأقدار شاءت أن يتسلم الأزهر مشعل الهداية من قرون الخيرية الأولى في طبقتها الرابعة من طبقات عمر هذه الأمة، مستعصيًا على الذوبان في إرادات الأغيار التي حاولت انحرافه عن رسالة السماء في أنوار تنزلاتها الأولى، حتى غيبت إرادات الآخرين في إرادته، وأضحت الحياة طوع بنانه، ودندن الكون على أوتار وسطية منهجه، وكأن الحياة قد رضيت بتفردات عطائه لها منهجًا، كما رضي الله الإسلام للبشرية دينًا، ولعمري فهو المعبر عن تنزلات الهداية في وسطيته، وكأن سياقات الأيام بأحداثها وتقلباتها أتت إليه وهي راغمة، فما استطاعت لبنيانه تسورًا، وما استطاعت له نقبًا، حتى وقف الوجود وقد تحير في شموخ عزته وإبائه، وإذا بطوارق الليل تهتف: لا تعجب، فمجريات الأيام منه ستنبئك بما لم تحط به خبرًا، وسيأتيك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا.

وأشار إلى أن جهود الأزهر في شرعة علوم المنقول والمعقول هي قصة بناء قد أرخى عليها من خيوط الغيب سدولًا، ومن عطاءات الاصطفاء جداولًا وحقولًا، وكأني بالصادقين من أبنائها وقد ملئت بهم فضاءات الكون ملائكة تزيت برداء البشرية، فكان في قلب كل واحد منهم مسجد يعبد الله فيه. وكأنها استجابات الأقدار لما تعبد به في أروقة أزهره ومحراب قدسه “قد أوتيت سؤلك يا موسى”، وما التفرد والخلود في مناهجه وعلومه من قبل ومن بعد إلا ممارسات بشرية اقترنت بأسبابها في حيادية قدرية كتب التوفيق لأصحابها بقدر فهمهم للكون ونواميسه ولكل في غايات الوصول وجهة هو موليها.

مؤكدًا أن الأزهر الشريف في جوهر كينونته لا يمكن اختزاله في عمامة على الرأس، بل هو فكرة ألهبت الإبداع في الرأس، والإشراق في النفس، والصلابة في البأس، وكأنها سيقت في ضمير الغيب بسياط من البرق، وأصوات من الرعد تفجرت لأجلها ينابيع النور بحدائق ذات بهجة تسر الناظرين، وما الأزهر في تربيته لأبنائه إلا الأم التي أرضعت وليدها صدر الحق حتى كبر، فلعمري ما تركهم في أودية الحياة يهيمون، بل ربطهم برواجع الصدى، فإذا ماج معالم البنيان، ناب القلب بالتذكار في الإفهام والبيان، وهكذا يستفتى القلب النقي وإن أفتاه الناس وأفتوه.

مؤكدا أن الأزهر الشريف في تكاملية علومه إنما يمتد بعرى الاتصال إلى الجناب النبوي الشريف، وكأن الله قد استأمنه ليتلقى عن البشرية آخر دروس إعدادها وينوب عنها في تسلم وثيقة رشدها ،فتسبح في آفاق الكون على هدى وبصيرة، إشراقات الوحي في قلبها ونور العقل في رأسها، والله من قبل ومن بعد معين لها وهاديها.

موضحًا أن تجليات الهداية أشرقت على الأرض بنور ربها، فاصطفى من طهر ترابها أرض الكنانة والمكانة، والتي خاطبها الزمان أن: صور الله فيك معنى الخلود فابلغي ما أردته ثم زيدي أنتِ يا مصر جنة الله في الأرض وعين العلا وواو الوجود قد رآكِ الدهر العتي فتاة وهو طفل يلهو بطوق الوليد
أنتِ يا مصر بسمة في فم الحسن ودمع الحنان فوق الخدود
أنتِ في القفر وردة حولها الشوك، وفي الشوك عزة للورود.

مضيفًا أن الله اصطفى الأزهر الشريف من أرض الكنانة بيتًا معمورًا في الأرض شد بخيوط من نور إلى البيت المعمور في السماء، فكانت ترانيم الحب في هياكل قدسه:
يا معهدًا عم المشارق نوره فمشى على أضوائه المتحير
هرم من الأهرام إلا أنه حرم يلوذ به الحجيج ومشعر
أبدًا تشد له الرحال حثيثةً ويؤم بعد المسجدين ويذكر
ليس الذي يبني الحجارة مثل من يبني العقول النيرات ويعمر
ما شاد بانٍ في الكنانة مثل ما شاد المعز الفاطمي وجوهر.

واختتم فضيلته كلمته بالدعاء بأن يحفظ الله الأزهر الشريف، جامعًا وجامعةً، ويديم عطاءه ليظل منارة للعلم والهداية والسلام في العالم كله.

زر الذهاب إلى الأعلى