أخبار ومتابعات

منظمة العمل العربية تعقد في الجزائر العاصمة ندوة عربية حول “تقنيات الذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات”

هناء السيد

 

برعاية عبد الحق سايحي، وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي في الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وبالتعاون مع وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي واتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية والهيئات المماثلة، عقدت منظمة العمل العربية (إدارة التنمية البشرية والتشغيل، وإدارة الإعلام والتوثيق والمعلومات ) والمعهد العربي للثقافة العمالية وبحوث العمل في الجزائر والمركز العربي لتنمية الموارد البشرية في دولة ليبيا، الندوة العربية حول ” تقنيات الذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات ” في الجزائر العاصمة، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية،

حضر الجلسة الافتتاحية بوعلام عيساوي ممثلُ وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، والبروفيسور محمد بوخاري رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الجزائري ورئيسُ اتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية والهيئات المماثلة، والسيد ناصر بركاني رئيسُ الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، والسيد محمد زبيري ممثل عن السيد أعمر تاقجوت الأمينِ العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، والسيد الهامل مرنيز ممثّلًا عن السيد محند السعيد نايت عبد العزيز رئيسِ الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين، والسيد موسى شتيوي رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي في المملكة الأردنية الهاشمية ونائبُ رئيس اتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية. وشارك في أعمال الندوة (64) مشاركةً ومشاركًا من ممثلي أطراف الإنتاج الثلاثة في الدول العربية، و(21) عضوًا من أعضاء اتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية والهيئات المماثلة.

وخلال الكلمة الافتتاحية التي ألقتها نيابةً عنه الدكتورة رانية رشدية، المشرفةُ على إدارة الإعلام والتوثيق والمعلومات، تقدّم معالي الأستاذ فايز المطيري، المديرُ العام لمنظمة العمل العربية، بالتهنئة إلى معالي السيد عبد الحق سايحي بمناسبة تولّيه مهامه وزيرًا للعمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، متمنيًا له التوفيق والسداد. كما توجّه إليه، باسمه وباسم الحضور جميعًا، بخالص الشكر والتقدير على رعايته الكريمة لأعمال هذه الندوة.

وأضاف معاليه قائلًا: “يشهد عالمُنا اليوم تحولاتٍ عميقة بفعل الثورة الرقمية وتسارع الابتكار التكنولوجي، التي أعادت صياغة أسس الاقتصاد العالمي بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على الموارد الطبيعية أو كثافة اليد العاملة، لتصبح المعرفةُ الرقمية والقدراتُ الابتكارية المحرّكَ الأساس للنمو والتنافسية”. وأشار إلى أنّه “في خضم هذه التحولات، يبرز الذكاءُ الاصطناعي، ولا سيما التوليدي منه، بوصفه قوةً مؤثرة في إعادة هيكلة أسواق العمل وتغيير طبيعة المهن، بما يفرض على حكوماتنا وشركائنا الاجتماعيين تطويرَ استجاباتٍ استراتيجيةٍ تسدّ فجوات المهارات وتضمن انتقالًا عادلًا ومستدامًا”.

ونوّه معاليه إلى وثيقة “إعلان المبادئ بشأن مستقبل الموارد البشرية في ظل الثورة التكنولوجية” التي أقرّها مؤتمرُ العمل العربي (بغداد 2024) واعتمدتها القمّةُ العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية الخامسة (بغداد/مايو 2025)، مشيرًا إلى ما قامت به منظمةُ العمل العربية من إدماجٍ للتحولات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي في برامجها وأنشطتها ومبادراتها، وإقرارِ اتفاقيةٍ وتوصيةِ عملٍ عربيتين بشأن أنماط العمل الجديدة في عام 2024. وأضاف: “وإذ نحتفل هذا العام بمرور ستين عامًا على تأسيس منظمة العمل العربية، فإنّ هذه المحطة التاريخية تشكّل حافزًا لمواصلة رسالتنا في خدمة أطراف الإنتاج الثلاثة في الدول العربية، وتقديم كل دعمٍ ممكن للدفع بمسارات التنمية، وتطوير السياسات والبرامج التدريبية وجسور المهارات التي تواكب متطلبات التحول نحو الاقتصاد الرقمي، وترسّخ قيم العدالة الاجتماعية والابتكار والاستدامة”. كما ثمّن معاليه دورَ المجالس الاقتصادية والاجتماعية في دعمها المتواصل لأطراف الإنتاج الثلاثة، وسعيِها إلى مأسسة الحوار الاجتماعي وتنويع مضامينه بما يواكب المتغيرات المتسارعة في أسواق العمل العربية.

وفي كلمته، توجه البرفيسور محمد بوخاري رئيس اتحاد المجالس الاقتصادية والاجتماعية العربية والهيئات المماثلة، بالشكر العميق لمعالي الأستاذ فايز المطيري المدير العام لمنظمة العمل العربية، واصفاً إياه بالشريك الوفي والداعم الركين للحوار الاجتماعي العربي، مشيداً بالتنظيم المحكم لهذه الندوة قائلاً: “يتّسم بالإتقان والحرفية العالية”، كما رحب بالسادة الخبراء والسيدات والسادة المشاركين قائلاً: “إنّ حضورَكم الكريم بيننا في الجزائر العاصمة، لَخيرُ دليل على التضامنِ الأخوي الذي يجمع بلداننا، وعزيمتِنا المشتركة لبناء مستقبل قائمٍ على الرفاه الاجتماعي ، في ظل التحولات الرقمية والتطور المتسارع للذكاء الاصطناعي”.

وألقى السيد ناصر بركاني، رئيسُ الكنفدرالية العامة للمؤسسات الجزائرية، كلمةً قال فيها: “يشرفني أن أتحدث إليكم بصفتي شريكًا اجتماعيًا لمنظمة العمل العربية في هذه الندوة البالغة الأهمية حول تقنيات الذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات، وهي محطةٌ أساسية في مسار العمل العربي المشترك في ظل التحولات التكنولوجية العميقة التي يشهدها العالم”. وأكد أنّ الحديث عن الذكاء الاصطناعي لم يعد ترفًا فكريًا أو نقاشًا أكاديميًا، مشيرًا إلى أنّ الجزائر تعمل بجدٍّ على مواكبة هذا التحول عبر استراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي تهدف إلى تطوير البنية التحتية الرقمية، وتشجيع الابتكار وريادة الأعمال، وتعزيز الشراكات بين الجامعات والقطاع الخاص، وتكوين جيلٍ من الشباب المبدع القادر على صناعة القيمة المضافة. ودعا إلى إطلاق مبادرة عربية للتكامل الرقمي توحِّد الجهود وتشجّع الاستثمار في البحوث والمهارات والابتكار، متوجهًا بالشكر إلى منظمة العمل العربية على جهودها المتميزة في تنظيم هذه الندوة وإلى جميع الخبراء والمشاركين.

كما ألقى السيد الهامل مرنيز كلمةً نيابةً عن السيد رئيسِ الكنفدرالية الوطنية لأرباب العمل الجزائريين، رحّب فيها بالإخوة العرب ممثلي أطراف الإنتاج الثلاثة، قائلًا: “حللتم أهلًا ونزلتم سهلًا في بلدكم الثاني الجزائر، بلدِ المليون ونصف المليون شهيد”، ومتمنّيًا لهم إقامةً طيبة، وآملًا أن تثمرَ خلاصةُ أعمال الندوة عن مقترحاتٍ بنّاءة من السادة الخبراء والمشاركين. وأضاف: “لقد أصبح الذكاءُ الاصطناعي حتميةً جادّة، وواجبُنا كعرب الخوض فيها بكل مسؤولية و الركوب في قطاره بدون انتظار و خاصة و نحن نملك في جل أقطارنا العربية ثروة بشرية علمية لا يستهان بها “.

وفي كلمة ألقاها السيد محمد زبيري نيابة عن الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين، أكد فيها “أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين وُلدَ من رحم الثورة التحريرية، ولذلك أصبح محتوماً علينا أن نسير في ركب التغيرات الاقتصادية والاجتماعية في العالم”. مضيفاً:” منظمة العمل العربية والاتحاد العام للعمال الجزائريين تربطهما علاقة وطيدة منذ سنوات طويلة .ولهذا فالاتحاد العام للعمال الجزائريين دائماً كان وما زال وسيكون حاضراً في كل اللقاءات والندوات التي تنظمها منظمة العمل العربية العريقة. وكم استفدنا منها، وكم استفدنا من الندوات واللقاءات. لذلك نتمنى النجاح لهذه الندوة الهامة وصراحةً، كنقابيين، نحن لا نعرف إن كان هذا الذكاء الاصطناعي نعمة أم نقمة، ولكن المستقبل كفيلٌ بالإجابة، لأن الخبراء والاقتصاديين لكلٍّ منهم نظرته، ولكن المستقبل وأرض الواقع هما ما سيكشفان عن حقيقة هذا الذكاء الاصطناعي”.

في حين أشاد السيد بوعلام عيساوي ممثل معالي وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي، راعي الندوة في كلمته باختيار موضوع “تقنيات الذكاء الاصطناعي ومستقبل المهارات”، مؤكداً أنه أحدث تحولاً جذرياً في إنتاج المعرفة وتنظيم العمل واتخاذ القرار، وأصبح محرّكاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة. لا يلغي الذكاء الاصطناعي العمل البشري بل يعيد تعريفه ويتطلب مزيجاً من المهارات التقنية (كالبرمجة وتحليل البيانات والأمن السيبراني وفهم الخوارزميات) والمهارات الإنسانية (التفكير النقدي والإبداع والتعلم المستمر). وشدّد على ضرورة بناء القدرات ووضع إطار قانوني وأخلاقي لضمان العدالة وحماية الإنسان. وأن المستقبل سيكون لمن يُحسن توظيف هذه التقنيات لخدمة الإنسان والمجتمع.

هذا وقد استعرضت الندوة عددًا من المحاور، أبرزها: تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي على هيكلة سوق العمل وتصنيف المهن والوظائف، والاتجاهات المستقبلية لتنمية المهارات البشرية، ودور الحوار الاجتماعي في مواجهة التغيرات الرقمية، ودور الإعلام الرقمي في استشراف مستقبل المهارات. كما عرض عددٌ من المشاركين والمشاركات تجاربَ وطنيةً على مدار يومي عمل.

واجتمعت لجنة الصياغة التي تم اختيار أعضائها من ممثلي أطراف الإنتاج الثلاثة في الدول العربية والسادة الخبراء وخرجت بعدد من التوصيات أهمها:-

​ تطوير تصنيف مهني رقمي تفاعلي يواكب التحول الرقمي يدمج الوظائف الهجينة والناشئة والمتقلصة، مع التحديث المستمر
إنشاء مراصد وطنية وإقليمية للمهارات والوظائف ، بحيث توفّر بيانات مشتركة للحكومات، أصحاب العمل، ونقابات العمال حول التغيرات السريعة في سوق العمل.
دمج المهارات الرقمية والذكاء الاصطناعي في التعليم والتدريب بما يضمن ملاءمة مخرجات التعليم مع احتياجات الاقتصاد الرقمي.
إعادة تصميم التعليم والتعلّم مدى الحياة: وذلك من خلال إدراج التفكير الحسابي، والمحاكاة، ومحو الأمية الرقمية والإحصائية منذ المراحل الأولى، مع تحديث مناهج وربطها بالتطبيق العملي والمختبرات المفتوحة المصدر.
تعليم مهني مرن ومفتوح: من خلال إنشاء أطر وطنية للمؤهلات تعتمد وحدات مهارية معيارية (micro-credentials) قابلة للتراكم والاعتراف المتبادل، وربطها باحتياجات القطاعات الصناعية والخدمية.
شراكات بين الجامعات والقطاع الاقتصادي الخاص والحكومة: عبر تطوير برامج “تعلّم-عمل” مدمجة (apprenticeships) تربط المتدرب بمشاريع حقيقية تمولها مؤسسات الإنتاج.
تطوير منظومات المهارات الرقمية والابتكار: من خلال إنشاء منصات وطنية للمحتوى المهاري القصير تتيح التدريب في مهارات مثل: تحليل البيانات، والذكاء الاصطناعي لغير المبرمجين، والحوسبة السحابية، مع حوافز مالية للأفراد والشركات
تأسيس صناديق تنافسية للبحث والتطوير ومختبرات مشتركة بين الجامعات والشركات: تركز على التطبيقات المحلية للذكاء الاصطناعي في كل قطاعات الاقتصاد وبالأخص في الصناعة والصحة والزراعة.
اعتماد منظومة تشريعية تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي: تقوم على الشفافية، قابلية التفسير، عدم التمييز، وأمن البيانات.
إطلاق منصات رقمية وطنية وعربية لتحليل سوق العمل وتقديم بيانات محدثة حول المهارات المطلوبة.
‏وفي ختام الندوة تم توزيع شهادات المشاركة، وأعرب السيدات والسادة المشاركون عن شكرهم لمعالي الأستاذ فايز علي المطيري المدير العام لمنظمة العمل العربية لجهوده المقدرة وجهود المنظمة في عقد هذه الندوة الهامة.

زر الذهاب إلى الأعلى