قراءة في كتاب | قطر التي عشناها للشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني (٤)
تكتبها : أ .د راندا رزق

سنوات الشدة
لا تدوم الحياة على حال، فتظل طبيعة سنة التداول الحضاري ملازمة للأشخاص والمجتمعات والدول؛ حيث تمر بمرحلة الركود الحضاري، تعقبها مرحلة الشدة والأزمات والقرْح، كما هو معروف تاريخًّا في تاريخ الأمم والملوك والدول.
 وامتدادا لسلسة المعرفة التثقيفية لدراسة كتاب ( قطر التي عشناها)، لمؤلفه الشيخ فيصل بن قاسم آل ثاني ، وكما ذكرنا ـ سابقُا ـ أن الشيخ قاسم جد جده هو مؤسس دولة قطر، يطلعنا الكتاب في هذه الحلقة على سنوات الشدة لتلك البلاد.
 وفي سنوات الجدب والشدة يظهر المعدن النفيس الذي يمتاز به العرب، ولا تضاهيهم أية سلالة بشرية ـ في ذلك ـ كما يقول المؤرخون وعلماء الاجتماع.
 وقد عصفت بدولة قطر ـ كما ذكر الكتاب ـ محن غير مسبوقة من أمراض وأوبئة فتاكة، لا تقل خطورة عن وباء كورونا ( كوفيد 19)؛ حيث ضرب الطاعون شمال البلاد في عام 1820م، مما اضطر البعض للفرار ـ محاولة للنجاة ـ بسبب المجاعة التي خلفها الوباء.
 وفي سنة 1903م حاصر مرض الجدري منطقة الخليج، وهاجم مرض الكوليرا المنطقة في عام 1911م ، وتعددت الرسائل بين حكام الدول ـ ومنها حاكم البصرة ـ للتعاون في كيفية مواجهة هذه الأوبئة.
 ويذكر الكاتب ـ تحت عنوان ـ أن سنوات الرحمة جاءت بمرور عام 1918م باجتياح الإنفلونزا الأسبانية، التي أصابت العديد من الدول ـ ومنها قطر ـ وخلت المنطقة من كثير من الأشخاص الذين ماتوا، مما جعل الأسلاف يطلقون على هذه السنة “سنة الرحمة” ـ ترحمًا على من مات ـ والتي توفي فيها جد المؤلف ، وهو الشيخ فيصل بن ثاني ـ رحمه الله ـ وهو في العشرينات، وكذا زوجته شيخة بنت عبد الله بن جاسم وطفلهما الصغير سعود، الذي لم يتجاوز ربيعه الثالث، ومعهم ثلاثة بيوت لأقاربه من المعاضيد.
 وأما عن سنة الطبعة ـ كما سماها الكاتب ـ والطبع يعني الغرق؛ حيث ضربت عاصفة سنة الطبعة دول الساحل الشرقي للجزيرة العربية عام 1923م؛ حيث أغرقت العاصفة الكثير من السفن ومات الآلاف.
 ثم تعاقب الغزاة الذين قدموا من البحر، فيقوم القطريون بخدعة هؤلاء بالتوجه إلى المدن الداخلية، والبعد عن المدن الساحلية، مما يضطر الغزاة للدخول في عمق الصحراء، التي تتحول إلى مصيدة موت لهم.
 وهذه السنوات الخداعات والمتعاقبات أكسبت الشعب القطري ـ كما يقول المؤلف ـ معاني نبيلة استمروا عليه، وأيقظت بداخلهم وترسخت الثقة والمحبة بين أهل قطر والأسرة الحاكمة؛ فالكل على قلب رجل واحد، ويعيشون بمصير مشترك، ويعملون على هدف واحد وهو تنمية بلدهم.
والكتاب ينتقل بنا لمرحلة مهمة، ويؤرخ لحدث الأحداث تحت عنوان ” شخصية قطر وتأسيس الدولة “، وهذا يأخذنا على شوق ـ معكم ـ لنرقب ونتابع.




 
 









