قصر عابدين.. تاريخ الحقبة الملكية الحديثة بقلب القاهرة

تزخر مصر بالعديد من القصور الملكية التي قام ببنائها محمد على باشا والملوك والأمراء من أسرته الذين جاءوا من بعده، منها قصر الجوهرة بالقلعة وقصر محمد علي باشا بشبرا الخيمة وقصر عابدين وقصر القبة …… إلخ.
ويعد قصر عابدين أحد أهم هذه القصور فقد كان مقراً لحكم البلاد في الفترة من عام 1874م وحتى قيام الثورة المصرية في 23 يوليو عام 1952م وكانت هذه هي المرة الأولى منذ عصر الدولة الأيوبية التي يترك فيها حاكم مصر قلعة الجبل الحصينة وينزل إلى قلب القاهرة ليعيش وسط شعبه.
وهو واحد من أهم أماكن سياحية في القاهرة تستعرض تاريخ الحقبة الملكية الحديثة بدايةً من عهد الخديوي إسماعيل الذي اتخذ قرارًا ببناء القصر في الربع الأخير من القرن 19 وصولًا لانتهاء الحكم الملكي في مصر بقيام ثورة 1952.
ويستعرض القصر الذي يقع في محيطه المُقتنيات الثمينة للأسرة المالكة والأسلحة التي كانت تُستخدم في عهدهم، بالإضافة إلى مُقتنيات مُهداة من رؤساء العالم.
ويُمكنك إمتاع نظرك بجمال الحدائق والمساحات الخضراء الشاسعة التي تُغطي مُحيط القصر وطُرقاته الخارجية والمُصممة بما يُحاكي تاريخ عصرها.
يُعد قصر عابدين تكريسا للنفوذ المعماري الغربي في مصر. صممه المهندس الفرنسي “دي كوريل روسو” على الطراز الكلاسيكي ليُحاكي القصور الأوروبية آنذاك من تعدد قاعاته، وأروقته التي شهدت صعود وهبوط ملوك وحكام ورؤساء كثيرين. وقد استعان الخديوي بمعماريين وفنانين من عدة دول للانتهاء من بناء القصر قبل افتتاح قناة السويس عام 1869، ولكن لم تكتمل غرفه البالغ عددها 500 غرفة حتى عام 1874.
تكوينه:
توحي واجهة قصر عابدين بكونه قصراً رسمياً، فهي تُذكر الزائر بقصر باكنجهام في لندن، فالخديوي إسماعيل ومن تبعه حرصوا على إضفاء طابع العظمة على القصر الملكي المصري، ويتكون القصر من طابقين، يشتمل الطابق العلوي على السلاملك والحرملك، أما الطابق الأرضي فيضم حديقة القصر وصيدلية زاخرة بالأدوية النادرة وفي مواجهتها المطبعة الملكية السابقة وإدارتها، كما يضم مكتباً للملك فاروق.
قصر عابدين ليس متحفًا واحداً، أو تحفه اثريه، بل أربعة متاحف مختلفة:
الأول: متحف الأسلحة:
أحد أكبر المتاحف ثراءً، اهتم به أبناء وأحفاد الخديوي اسماعيل، وحافظوا عليه، وينقسم إلى قسمين:
الأول: قسم الأسلحة البيضاء: تلك الأسلحة النادرة التي أخرجتها أيدي صناع مهره من بلاد العالم الإسلامي وأوروبا، من عصور مختلفة ومنها “السيوف، والخناجر، وأدوات صيد، والدروع، والتروس، والخوذات، وسيوف مبارزه “شيش”، بعضها ذو مقبض وغمد من الذهب أو الفضة، أو مقابض من العاج، كما استخدم التطعيم بالماس والياقوت والزمرد والمرجان…. وغيرها من الأحجار الكريمة ومن أمثلة هذه المقتنيات ” سيف للسلطان العثماني سليم الأول ق الـ 16، وسيوف وخناجر خاصة بمحمد علي باشا ق الـ 19، وسيف نابليون بونابرت، وخنجر خاص بالقائد الألماني “روميل” ق الـ 20.
والثاني :قسم الأسلحة النارية:يعرض هذا القسم مجموعات من الأسلحة النارية المختلفة من حيث التنوع والندرة وأساليب الصناعة والطراز، ويبدأ هذا القسم بقاعة لعرض الأسلحة الشراكية “الخداعية”، وهي عبارة عن مجموعة بنادق أو سلاح “شيش” نفذت على شكل عصى مما يتوكأ عليها، ومجموعة من المسدسات، والبنادق التي كان يتم اشعالها بواسطة الكبريت ويعرف هذا السلاح باسم ” ماتش لوك”، والمعروضات ترجع للقرن الــ17و الــ18، الــ19،
الثاني: متحف الأوسمة والنياشين:
قسم المقتنيات الملكية:
بهذا القسم مقتنيات وتحف متنوعة، مثل سيف مرصع بالأحجار الكريمة وزخارف منفذه بالمينا الملونة ويعرف باسم ” سيف التتويج” حيث كان يتم به تتويج أباطر روسيا، وهو مصنوع في ألمانيا واشتره الملك ” فاروق” من أحد المزادات العالمية.، كما يعرض طاقم ” كمر” لحمل طلقات الرصاص، وهو مصنوع من الجلد المحلي بالذهب المشغول، أهداه الملك “عبد العزيز آل سعود” إلى الملك “فاروق”.
قسم الأوسمة والنياشين والميداليات:
يضم مجموعات رائعة من الأوسمة والنياشين والميداليات. بعضها صنع في مصر واغلبها مصنوع في أوروبا وأسيا وأفريقيا والأمريكيتين. وأغلب هذه الأوسمة والنياشين تمنح لمن يؤدون للبلاد خدمات جليلة، كما إنها تمنح للملوك والرؤساء والشخصيات التي لها مواقف تخدم قضايا الوطن.
الثالث: متحف الفضيات:
مخصص للحفاظ على مقتنيات الأسرة المالكة المصنوعة من الذهب والفضة والكريستال والبلور الملون،
الرابع:متحف الوثائق التاريخية:
أحـدث الـمـتـاحـف التي اُفـتـتـحـت داخل القـصـر، من عهد “محمد علي باشا” وحتى الملك فاروق الأول آخر ملوك مصر.