قراءة في كتاب: أمريكا الإفريقية دراسة أنثروبولوجية أ.د راندا رزق (3)
يكتبها د خالد غانم: نظرة عامة في مضمون الدراسة
ونظرا للرؤى المتنوعة والفريدة والموجودة في ثنايا الكتاب فقد حظى الكتاب بتقديم لاثنين من كبار المتخصين: الأول هو الدكتور يعقوب الشاروني ، وقد بدأنا به النظرة التحليلية للكتاب، والتقديم الثاني كتبه الدكتور عصام عبد العزيز، وقد رأينا قبل الدخول في قضايا هذا الكتاب المهم أن نعرض التقديم الثاني للكتاب للكاتب الكبير عصام عبد العزيز، والذي نسرده في جزئين:
فيقول:
العالم كله على مدار سنوات طويلة ، فقد أذهلت العالم كله – قديما وحديثا – بسحرها وبغموض حياة غاباتها وبالقبائل السوداء التى استطاعت التكيف مع حياة و بمناخ وظروف تلك القارة ، فضلا عن تحولها من قارة لاستجلاب العبيد الى قارة تشرق مرة أخرى تحت نفس الشمس لكى تقدم للعالم ثقافات جديدة ومختلفة كل الاختلاف عن ثقافات العالم الغربى مم جعل كل الانظار تتجه اليها وتعيد دراسة واستجلاء هذا الغموض الذى كان يحيط بتلك القارة وخاصة عندما كان العالم كله يقرأ ما كتبه الرحالة وعلماء الأنثروبولوجيا عن تلك القارة . فى تلك القارة يولد الانسان بالطقس ويموت أيضا بالطقس ، وبالتالى ارتبطت تلك القارة بالطقوس والشعائر المختلفة والمتنوعة طبقا للعادات والتقاليد الأفريقية وطبقا للمناسبات المختلفة سواء عند الميلاد ، الموت ، الزواج ، الصيد ، نزول الأمطار ، التعميد ، تقديم القرابين .. وسواء كانت تلك الطقوس طقوس سحرية لالحقاق الضرر بالآخرين أو ببعض الأفراد ، أو طقوس نفعية لخدمة الانسان والحيوان و مجتمع القبيلة أيضا أو حتى لاسترضاء الآله الذى تؤمن به كل قبيلة من القابائل المختلفة ، فلا تظهر تلك الطقوس بأنواعها المختلفة الا من خلال الأداء الجسدى والذى يعبر به رجل القبيلة عن كل المعانى المرتبطة بنوعية الطقس وبالمناسبة التى أقيم من خلاها الطقس ، وقد يصحب الطقس بعض الترانيم والكلمات والأدعية السحرية أو الدينية أثناء الأداء الطقسى لتلك الشعائر .
فالمؤلفة تطرح لنا قضايا مهمة فى هذا الكتاب المهم والحساس أيضا ، مجسدة لنا مرارة الألم والمعاناة التى مر بها الانسان الأسود والتى خاضها فى سبيل تحرره وفى سبيل توصيل فنه ورسالته من خلال الدراما ، ليس فقط فى أمريكا بل و للعالم أجمع ، وذلك عن طريق نشر المسرحيات أو تقديم العروض المسرحية والتى أقبل عليها الجمهور الأمريكى بشغف كبير .
فالمؤلفة تتناول تلك الدراسة بعمق وتركيز وتتابع فنى لكى توصل لنا المعنى الحقيقى للمسرح الأفرو- أفريقى من ناحية واهدافه وطموحاته من ناحية أخرى .
ولا ترجع الأهمية القصوى لذلك الكتاب فى تسجيل بعض المعلومات والحقائق التاريخية عن المسرح الأفريقى-الأمريكى ، بل الى ابراز و تقديم الصيحات الاحتجاجية والصرخات والمعاناة التى كتبها شعراء وكتاب الدراما من خلال أعمالهم والتى عبرت شعوريا ولاشعوريا عن العالم الداخلى لذلك الانسان الأسود الذى كان ومازال يعانى من حيث كونه ( انسان أسود ) .
ان المؤلفة تبرز لنا وبطريقة علمية الأهداف الحقيقية والحيوية والمؤثرة لظهور هذا النوع الفنى المهم والذى يربط بين الطقوس الأفريقية والموغلة فى القدم وبين عملية الاحياء الفنى والفكرى والفلسفى للتراث الأفريقى والذى يقدم بشكل جديد معبرا عن صيحات الاحتجاج والتمرد ضد الظلم والتفرقة العنصرية والقهر .. كل تلك المظاهر التى عانى ومازال يعانى منها الرجل الأسود” ـ عصام عبد العزيز.