يوسف إبراهيم يكتب: مصر.. قلب العروبة النابض ومسار الدبلوماسية الإنسانية في أزمات غزة
تابعت عن كثب مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة، الذي انعقد في لحظة فارقة من تاريخ الأزمة الإنسانية الممتدة منذ السابع من أكتوبر، والتي ترتبط بجذور أعمق تمتد لأكثر من سبعة عقود من النضال والمعاناة المستمرة. يأتي هذا المؤتمر في وقت تواجه فيه المنطقة ظروفًا دولية وإقليمية شديدة التعقيد، ليؤكد مرة أخرى على دور مصر المحوري كركيزة للاستقرار الإقليمي ومركزٍ للدبلوماسية الفاعلة في القضايا الكبرى. حظي المؤتمر بمشاركة واسعة من ممثلي الدول والمنظمات الدولية والإقليمية، ما يعكس الأهمية البالغة التي توليها القاهرة لهذه القضية.
أظهرت القيادة المصرية، بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، التزامًا راسخًا بدعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال استضافة القمم الطارئة، أو عبر تكثيف الجهود الدبلوماسية الدولية، أو بتقديم الدعم لوكالة “الأونروا”، في مشهد يؤكد عمق الدور المصري في مساندة الأشقاء الفلسطينيين. مصر لم تتوانَ عن وضع القضية الفلسطينية في مقدمة أولوياتها، مدفوعةً بإيمانها العميق بالعدالة الإنسانية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. هذا الالتزام تجسد أيضًا في الوساطة الفعالة التي لعبتها مصر في محادثات التهدئة والبحث عن حلول سلمية، إضافة إلى المساعدات الإنسانية التي تم تقديمها عبر مختلف القنوات، ودور الهلال الأحمر المصري الذي كان في طليعة الاستجابة لاحتياجات غزة.
في ظل وزير خارجية نشيط ودبلوماسي من العيار الثقيل مثل الدكتور بدر عبد العاطي، قدمت مصر نموذجًا حيويًا من القيادة الحكيمة التي لا تقتصر على التنسيق السياسي فحسب، بل تشمل أيضًا تسهيل المساعدات الإنسانية وتوفير الدعم للمتضررين في غزة. ورغم هذه الظروف الدولية والإقليمية المعقدة التي تشهدها مصر، تستمر في تقديم نموذج فريد للصمود والمبادرة، محافظةً على مكانتها كدولة رائدة في السياسة الإقليمية والدولية. الجهود المصرية تعكس حكمة القيادة وحنكتها في إدارة الأزمات، حيث تتحمل مسؤولية كبيرة في حماية حقوق الفلسطينيين ومواجهة التحديات الإقليمية والدولية بحزم ورؤية استراتيجية واضحة.
في وقت تتسم فيه الساحة الدولية بازدواجية صارخة في المعايير، حيث تقف بعض الدول عاجزة عن اتخاذ مواقف واضحة وحاسمة، بينما تعاني المنظمات الدولية من قصور إداري وفساد عميق، ما يجعل الحاجة إلى إصلاحات جذرية في العمل الأممي أكثر إلحاحًا. هذا القصور الدولي يزيد من معاناة الفلسطينيين الذين يواجهون تهجيرًا قسريًا، ونزوحًا جماعيًا، وحرمانًا من أساسيات الحياة من مأكل ومشرب ودواء، ناهيك عن استهداف المدارس والمستشفيات ومراكز الإيواء. كل ذلك في ظل استمرار التدمير المنهجي للبنية التحتية، وتجريد الشعب الفلسطيني من حقوقه الأساسية، في مشهد يُمثل وصمة عار على جبين الإنسانية جمعاء.
مصر، التي لطالما كانت داعمًا رئيسيًا للقضية الفلسطينية، تقدم اليوم للعالم أجمع نموذجًا لدولة تتبنى قيم العدالة والسلام دون تردد، مُظهرةً أنها قادرة على تحقيق التوازن بين الحفاظ على مصالحها الوطنية والقيام بدورها الإقليمي الرائد. يبقى هذا المؤتمر شاهدًا على الدور المصري المتجدد والمتوازن في قيادة العمل الإنساني والسياسي، مؤكدًا أن مصر ستظل دائمًا وأبدًا قلب العروبة النابض وصوت الحق في مواجهة الظلم. حفظ الله مصر، وأبقاها منارةً للسلام والإنسانية.