
الطب المصري هو أساس وركيزة الطب في العالم من الاف السنين ، والمصريون من أوائل الشعوب التي مارست الطب بشكل علمي ومهني ومنهجي ، ودونوا العلوم والمعارف الطبية على البرديات وحوائط المعابد والقبور ، وقدموا العلاجات المبتكرة للجروح ، والجراحات وطب العيون والأسنان ، واستخدموا الأعشاب الطبية والعقاقير بطرق علمية ، وبعضها لا زال يستخدم إلى يومنا هذا في كثير من دول العالم ، وأزدهر الطب المصري في العصر الإسلامي من خلال المدارس الطبية والمستشفيات الكبرى المتقدمة مثل مستشفى قلاوون ومستشفى المؤيدي منذ أكثر من ثمانية قرون ، وبرز العالم الكبير ابن النفيس مكتشف الدورة الدموية ، وعمل بمصر أشهر أطباء المسلمين ، وساهمت المخطوطات الطبية المصرية في نشر العلوم الطبية في العالم الإسلامي ولدى شعوب العالم الآخر ، ومع بدايات القرن التاسع عشر أنشأت مصر أول مدرسة للطب الحديث في العالم العربي وأفريقيا ، وأنشأت المستشفيات الجامعية منها القصرالعيني وتلاه العديد من الجامعات والمستشفيات التعليمية ، وكان للأطباء المصريين دور عظيم ومرموق في تطوير الطب الوقائي ومكافحة الأمراض الوبائية عربيًا وإقليميًا وأفريقيا، ، واستقبلت الجامعات المصرية وكلياتها الطبية ومعاهدها الصحية الآلاف من الطلاب العرب والأفارقة وغيرهم من الدارسين للطب والصيدلة وطب الأسنان والتمريض ، ولا زالت الجامعات العامة والخاصة قبلة لتعلم العلوم الطبية والصحية والحصول على إجازات التخصصات الطبية الأكاديمية والمهنية ، والمستشفيات المصرية متميزة عالميًا في تقديم برامج تدريب عملية متقدمة للأطباء والتمريض والفنيين الصحيين ، وساهمت مصر في تأسيس منظمة الصحة العالمية وشاركت في وضع دستورها ورسم سياساتها على المستويات الإقليمية والمركزية ، وتستضيف المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية منذ تأسيسه لأكثر من سبعة عقود إلى يومنا هذا ، ولها دور عظيم في إنجاح الاستراتيجيات والسياسات والبرامج الصحية ، لما تتمتع به من خبرات عظيمة وتاريخ طبي عريق ، ومراكز بحثية طبية متقدمة ، وساهمت الكنانة لعقود طويلة بإرسال البعثات الطبية التدريبية للمساعدة في تطوير كفاءة الكوادر الطبية بالكثير من دول العالم العربي وأفريقيا ، وإرسال الفرق والمساعدات الطبية للعديد من دول العالم العربي وأفريقيا وغيرها من دول العالم , وكان لمصر دور عظيم في دعم الكثير من النظم الصحية في مجابهة جائحة الكورونا والتي قدمت فيها مصر النموذج الحضاري والعلمي في التعامل مع ألجائحة ، ومصر من البلدان الأوائل في تقديم المساعدات الطبية للكثير من دول العالم أثناء الكوارث الطبيعية والأزمات الصحية والحروب والصراعات ، والمستشفيات المصرية من الأكثر تقدما عربيا وأفريقيا في علاجات متخصصة مثل زراعة الكلى والكبد والنخاع وعلاجات الأورام وأمراض وجراحات القلب وامراض الدم والتشوهات وعلاج العقم , ومن البلدان المتقدمة في خدمات الطب النفسي , والجامعات المصرية والمراكز البحثية لهم دور عظيم في تطوير العلاجات والتقنيات الطبية الحديثة , ومصر من أهم الدول التي تقام على أرضها المؤتمرات الطبية الدولية والتي تستقطب المشاراكات العالمية من العلماء والخبراء في الطب والخدمات الصحية , والصناعات الدوائية والبيولجية ، وسباقة دومآ في قيادة المبادرات الصحية التي تعود بالنفع على صحة شعوب العالم , وتساهم في تطوير النظم الصحية ، وتعتبر من أكبر الأسواق الدوائية في أفريقيا والشرق الأوسط ، وتملك إرث تاريخي في إنتاج الأدوية ، وعلى أرضها تقام مدن دوائية تقوم بصناعات دوائية ومستحضرات صيدلانية ومكملات غذائية ولقاحات مختلفة ومتعددة ، مما يجعلها قلعة للصناعات الدوائية المتقدمة والمتطورة ، وتساهم بشكل رئيسي في تحقيق الأمن الدوائي محليا واقليميا وأفريقيا ، وتساهم في نقل التكنولوجيا الدوائية من خلال الشراكات مع الشركات العالمية الكبرى ، وتميزت الصناعات الدوائية المصرية بانتاج معظم اللقاحات والأدوية البيولوجية المطلوبة ، وصناعة أدوية الأورام وأدوية الأمراض المزمنة ، وتسعى لتحقيق الاكتفاء الذاتي بتوفير المواد الخام محليا ، ومنفتحة على الاستثمارات الصحية ، والتوسع في الصناعات الدوائية والشراكات الدولية ، وزيادة الاستثمارات البحثية في العلوم والمعارف الطبية لتطوير التكنولوجيا والتقنيات والعلاجات الطبية ، مصر الكنانة تتميز بقلاعها الطبية العريقة وعلمائها وخبرائها وكوادرها المشهود لهم عالميا ، ومؤهلة دون منافس لقيادة مشروع متقدم للتنمية البشرية الصحية في جميع التخصصات الطبية والفنية والتمريضية والبحثية والادارات الصحية ، وتتميز مصر بالمنتجعات الصحية السياحية والاستخدامات الطبيعية للمياه الكبريتية والرمال بالواحات وسواحل البحر الاحمر وجنوب سيناء وغيرها ، بجانب المستشفيات والمراكز الطبية التخصصية العامة والجامعية والقطاعية والخاصة المتطورة في التجهيزات الطبية الحديثة ، واستخدام التقنيات التكنولوجية والذكاء الاصطناعي في الخدمات الصحية ، لتوفير التطبيب عن بعد والرعاية الصحية المنزلية والخدمات الروبوتية والافتراضية ، بمعايير جودة للخدمات الصحية وسلامة المرضى ومكافحة العدوى عالية ومتقدمة عن غيرها ، بما جعل مصر مركز عالمي للاستشفاء والعلاج والتأهيل الطبي المتقدم ومقصد للسياحة الاستشفائية والعلاجية ، مصر أقدم مدرسة طبية عرفتها البشرية ، وهي مهد الحضارات ، ومجمع عبقريات المكان والانسان والتاريخ . وهي أرض العلم والطب والتعافي .
د.علي المبروك أبو قرين