د راندا رزق تكتب: نحو فلسفة التربية المسرحية

يؤدي المسرح دورًا مهمًّا في الحياة، بل هو الحياة ذاتها إذا اعتبرنا أنه يجسد القيم الحياتية والإنسانية، ويرسخها في نفوس المجتمعات والشعوب في العالم كله،
ومن ثم فالتربية المسرحية هي جزء من العملية التربوية، وليست من الأمور الثانوية، بل حينما يُنظر إليها على أنها بمثابة الجناح الثاني للعملية التعلُّمية، والجناح الأول هو العلم، والذي ينتقل فيه إلى الهدف الأسمى وهو العناية بالمتلقي وتغذية عقله.
ومن ثم فالهدف الذي يرنو إليه المسرح التعليمي ـ ويدلل في الوقت نفسه على فلسفة التربية المسرحية ـ يظهر في أمور من أهمها:
• تعزيز القدرة على الإبتكار والإبداع ، والذي يضمن خلق مجتمع ثقافي له القدرة على العطاء والإبداع.
• تقبل الآخر وتنمية القدرات الذهنية والحسية لدى الإنسان.
• استخدام القدرة التعبيرية والذاتية المكتسبة من خلال الانضمام إلى مجموعة العمل، وتنمية لغة التواصل.
• اكتشاف المواهب والمساهمية في بث روح المرح والتسلية والسعادة.
• تعزيز القدرة التعبيرية بالجسم والصوت.
• العمل على تفتُّح ”المتعلمين” عامة، ومساعدتهم على الإبداع، والخجولين خاصة.
• توصيل الأفكار التربوية من خلال اللعب والمسرح التنموي والتعليمي.
ومن المتعارف عليه أنه ليست التربية المسرحية نوعًا من أنواع الفنون، كالغناء والرقص والرسم والتمثيل، بل هي ظاهرة تربوية، وهذه الظاهرة تنظر إلى الفن المسرحي على أنه أداة لتحقيق أهدافها التربوية، بالإضافة إلى ما يرنو إليه من أهداف فنية وجمالية، هي في الوقت نفسه تهدف إلى الأهداف التربوية العامة.
فالتلميذ في المدرسة، ليس فنانًا ولا ممثلًا، ولا يجب التعامل معه من هذا المنطلق، بل هو إنسان في موقع التحصيل التعلُّمي، واكتساب الخبرات التي تتشكل منها شخصيته، ويحصن نفسه توعويًّا وتربويًّا، ويضع نفسه في طريق مستنير، ويرقب مستقبلًا ينتظره، وهدفًا قويمًا يسعى إلى الوصول إليه.
ففي المدرسة والجامعة نعمل على إعداد الإنسان وليس الفنان المتخصص، ونستخدم الفن وتقنياته للوصول إلى بناء شخصية التلميذ أو الطالب، وليس إلى إكسابه اختصاصًا أو مهنة فنية، وهذه الفكرة الأخَّاذة هي الفارقة في تحديد مفهوم التربية المسرحية، وهي بوابة الدخول إلى فهم هذه الظاهرة التربوية الحديثة.
وفلسفة التربية المسرحية تتعدى إلى تشجيع الطلاب للدخول في هذا المعترك التربوي للتنافس فيه، ووضع قوالب تنموية لتنمية الذات، من خلال مسابقات تعتني بهذا الجانب؛ حيث إن من أهم أهداف التربية المسرحية هى خدمة العملية التعليمية والمسابقة خادمة لهذا الجانب، وحينما تكون العروض باللغة العربية الفصحى ـ حين يتطلب العرض المسرحي ذلك ـ سوف تحدث طفرة كبيرة في تنمية الهوية العربية واللسان العربي.
وهذا الجانب يؤكد أن تطور أية أمة يعتمد بصفة أساسية على تطور التعليم، ومن هذا المنطلق جاء الاهتمام المتواصل من أجل تطوير المنظومة التعليمية في مصر، وقد أثبتت التقنيات الحديثة للتعلم، مثل: التعليم النشط والتعليم المقلوب ومسرحة المناهج التعليمية فاعلية كبيرة، وذلك من خلال تطبيقها على كل المدارس بدول العالم المختلفة، مما يُعَظِّم الدور الكبير لفلسفة التربية المسرحية.