
الكوميديا ترتبط بالمسرح فهي علامة على قراءة الواقع وصياغة في أسلوب جاذب وملفت للنظر.
فلطالما لجأ الناس للأسلوب الكوميدي في طرح القضايا المحورية في حياتهم اليومية وقت الأزمات، وهذا أمر أكده عالم النفس الشهير، سيجموند فرويد، عندما بيَن الأثر العميق الذي تحدثه النكات في النفس كوسيلة يسلكها البعض للتخفيف من التوتّر النفسي والأرق، والتقليل من الخوف.
يستطيع الإنسان في بعض الوقت من خلال فكاهات عديدة أن يتخطى الظروف القهرية أو الصعبة ، فيجد في تلك الفكاهات طرفا مؤلفة تعبر عن شيء لا يستطيع هو أن ينطق بها بصورة مباشرة أو صريحة – فيعبر عن خوفه وكراهيته بشكل مضحك ، ليجعل السامع منتبها؛ وليصل من خلال ذلك إلى أعماقه وداخله … إلى أن صارت الفكاهة خاصة بالنوع والجنس؛ فيما يمكن أن يعبر عنه بالكوميديا كاحتجاج:وهي بلا شك جزء أصيل من الموروث الثقافي الأمريكي، ونتبين من خلال ذلك أن الموضوعات التي يتم تداولها لها إثارة كبيرة للمشاعر العميقة وغير الصريحة، وليس من السهل أن يتم تداولها على عامة الناس… وأيضًا نجد أن الضحك يمثل أسلوبًا للمجتمع عند محاولته المحافظة على انتباه الإنسان، وذلك حتى يواكب الآخرين على الرغم من الإذلال والقهر والمشكلات التي تحيق به.
إن الضحك في مجتمعات إفريقيا – أو مجتمع كان – يستطيع التعبير عن ظواهر صحية بالإضافة إلى أنه يصحح أمرًا خطيرا وحساسا وهو التباهي والعبث، والقبح والتفاخر أو الطمس والتشويه، إنه قدرة التحكم من حيث رؤية البعض له على اعتباره قوة لحياة محافظة على الثبات الحركي والمعدلات التغيرية، وإذا لزم على إنسان أن يبقى، فينبغي عليه أن يكون يقظا وعنده القوة أيضًا على التأقلم والتكيف؛ كل ذلك يحققه عنده الضحك.
وقد اهتم سيجموند فرويد – رائد علم النفس الحديث – بهذه العملية التي تنشأ داخل العقل، لكن هنرى بيرجسن بين أسباب تواجد تلك العلمية.
ولقد استعمل الأفارقة مسرح الكوميديا التجاري باعتباره سلاحا ضد الاستبداد والتمييز العنصري والعرقي في وقته، وباعتباره أيضًا وسيلة حديثة.
وتلك الكوميديا من السهل أن نطلق عليها كوميديا زمنية خاصة جدا، حيثُ إنها تعبر عن مواقف كوميدية نابعة من الموقف التراجيدي الذي هو عبارة عن موقف.
وعندما يكون الانتقاد لعادة أو سلوك، فهذا يؤدي إلى تحسين الأداء. لكننا عندما ننتقص من شخص بحد ذاته، فإننا حينها نشهد “تنمرا” عليه واختراقا لخصوصيته، وهو أمر لا يندرج تحت الفكاهة المسموح بها كنوع من أنواع تخفيف القلق أو الأرق.
وفي الإسلام لا يُنهى عن الكوميديا أو ما يسمى بالمزاح إذا كان صادقا، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا حقا، فإنه قال لرجل: يا ذا الأذنين. وقال لآخر: إنا حاملوك على ولد الناقة. وقال للعجوز: إنه لا يدخل الجنة عجوز. ثم قرأ: إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا {الواقعة: 35-36} وقال لأخرى: زوجك الذي في عينيه بياض.”
في حين أن الكوميديا لا ينبغي أن تكون منهج حياة، وإنما للجد وقته والهزل وقته، وكلاهما محكوم بقواعد وقوانين ، ويرتكن إلى طبائع مفيدة ومقبولة.
على أن ارتباط المسرح بالعملية التنمية واضحة ومؤكدة، وقد أثبت الواقع أهمية المسرح كوسيلة تنموية للمجتمع والهدف المرجو منه ، ونرى واقعية المقولة التي خلَّدها التاريخ: «أعطني مسرحًا وخبزًا أعطيك شعبًا عظيمًا» قيل إن قائلها هو الكاتب الكبير والشاعر وليام شكسبير، ويقال أيضًا إن الفيلسوف اليونانى أفلاطون هو أول من تفوه بها، ولسنا نبحث عن القائل الحقيقى لها، ولكن ما يهمنا إزاء هذه الجملة هو المعنى الحقيقي الذي تضيفه..