
إذا كان الفن هو الإبداع الذي يقوم به ذوو الحس المرهف، والخيال الكبير والذوق الرفيع، فهو رسالة عليا يفعل ما لم تستطع أن تفعله وسيلة أخرى، فهو يعبر عن حالة شعورية، يكتبها المؤلف ويرعاها المنتج ويعرضها للنور المخرج، كالشاعر والأديب الذي يستشعر حالة، أو يعيش فيها فيخرج لنا بقصيدة شعرية أو معلقة بلاغية.
والموهبة الفنية هي نبتة أصيلة في وجدان المجتمع، يقول: إرنست لافي – وهو عالم موسيقى وعازف بيانو وملحن سويسري-“ستبدأ الإنسانية بالتحسن عندما نأخذ الفن على محمل الجد كما الفيزياء أو الكيمياء أو المال ”
ولهذا رأينا رسالة هادفة يبثها السيد الرئيس السيسي في حفل الإفطار السنوي الذي أقامته القوات المسلحة حين قال: لا مانع من تقديم محتوى جاد بجانب الأعمال الدرامية والترفيهية؛ لأن المجتمع يحتاج إلى التوازن بين الجدية والترفيه”.
فالفنان والمثقف لا ينفصل عن مجتمعه، وإنما يقدم عملا يخدم به مجتمعه ووطنه، ويسهم في بناء الوعي المجتمعي، ويساعد في تطبيق معاني المسئولية المجتمعية.
وفي رحلة طويلة مع التربية المسرحية والإعلام التربوي أكدت في مؤلفاتي على أثر الدراما والمسرح على التعليم وعلى خلق حالة مهذبة في المجتمع إذا استفدنا من رسالته السامية والهادفة، حيث يؤدي المسرح والدراما الإعلامية دورًا مهمًّا في الحياة، بل الحياة ذاتها إذا اعتبرنا أنه يجسد القيم الحياتية والإنسانية ويرسخها في نفوس المجتمعات والشعوب في العالم كله،
ولفترة أكدت على ضرورة الدمج بين استراتيجية التعليم المقلوب والتعليم النشط ومسرحة المناهج،
والدراماتورجية ومسرحة المناهج.
ومن ثم فالدراما قادرة على إحداث نقلة حضارية في المجتمع بتسليط الضوء على القصص الهادفة، والأعمال المبدعة للفكر والعقل، والدراما لا شك تسهم ـ كذلك ـ في حركة السياحة بكافة صورها يوم أن توظف توظيفا حقيقا وواعيا؛ لأن العمل الفني حين ينتقي المكان الملائم والقصة الهادفة والأسلوب الحسن يسهم – دون ريب – في تصحيح الصورة الذهنية المأخوذة عن مجتمع ما، ويغري الآخرين بضرورة التعرف بشكل أكبر وبجانب أوسع على هذا البلد وأهله.
أما السعي وراء العمل الذي يجني من ورائه ثراءً ويحصد من خلاله عرضا لا يمكث في الأرض إلا بذكر طالح فهو سعي كالزبد الذي يذهب جفاء ولا يمكث في الأرض.
وذلك لأن اعتناق مبدأ والعمل من أجله، وتحمل الصعاب في سبيل توصيله من خلال الفن الراقي، والمساهمة في بناء جيل ونشر ثقافة معينة، أو محاربة عادة سيئة، ليست مجرد نزوة عابرة أو فكرة غائرة بل هو سبيل المصلحين وطريق المحترمين.