د. راندا رزق تكتب: الدراما كوسيلة للتنمية الاجتماعية
تمثل الدراما في الغرب وسيلة هامة لتحقيق التنمية الاجتماعية وتعزيز القدرات البشرية للمواطنين هناك، كما أنها اعتُمدت كطريقة علاج للأمراض النفسية والعصبية للمرضى، ففي دولة كالولايات المتحدة تحتل الدراما مرتبة كبيرة من الهيكل التنظيمي للمؤسسات والشركات والمصانع، فنجد أن تدريب الموظفين والعاملين على استخدام الأساليب المسرحية للترفيه عن النفس، والتنفيس، والاسترخاء، وتجديد الحيوية جزءًا أساسيًا من الهيكل الإداري لهذه المؤسسات.
أما في منطقتنا العربية ما زالت نظرتنا للدراما تفتقد الرؤية، في الوقت الذي يرى فيه العلماء والأكاديميين في الغرب أن الدراما يمكنها تحويل المجتمعات إلى الأفضل بصورة كاملة، فمثلا يرى روبرت لوي، الناشط في مجال الدرما، أن الدراما أداة فعالة يمكنها تحقيق أعلى درجات الفائدة والكسب في المجال العملي وتنمية إمكانات المؤسسات وتسريع التطور الشخصي.
وبالحديث عن مصر فإن قضية التنمية أصبحت الشغل الشاغل، وأصبح لدينا رؤية كاملة للقضية، والتوافق المجتمعي هو الضرورة التي نبحث عنها، وإن كانت لقضية التوافق جوانب متعددة فإن الدراما أحد الجوانب الهامة التي يمكن لهذا التوافق الاعتماد عليها، فالدراما عنصرًا أصيلاً في تشكيل وجدان وفكر وثقافة المواطن وتعزيز وترسيخ هويته الوطنية وقيم المواطنة واحترام الأخر.
ومن ثم نؤكد على ضرورة الاهتمام بتفعيل دور التربية المسرحية في المدارس؛ لأن التربية المسرحية تحقق ذلك عن طريق الكشف عن مشاعر التلاميذ، والغوص في اتجاهاتهم وميولهم وقيمهم ومدركاتهم، وتنمية مهاراتهم، الأمر الذي ينعكس مستقبلا على نظرتهم للأمور وثقتهم في قدرتهم على العبور للمستقبل.
إننا في حاجة إلى تعميم مشروع إنشاء أقسام التربية المسرحية بكليات التربية النوعية، والبداية بجامعة القاهرة العريقة، ومن ثم ينطلق المشروع إلى كافة الجامعات المصرية، ومن المتعارف عليه أن هذا المشروع يحمل رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز قدرات الخريجين، وتنمية الموارد البشرية وتطوير مهاراتها والمحافظة عليها، وتحقيق التفاعل مع سوق العمل، وتفعيل خدمات ما بعد التخرج، وإيجاد بيئة ملائمة للبحث العلمي وتطوير الأداء البحثي.
ومن المؤكد أن قدرة الدراما على إحداث التنمية – من خلال تجارب الدول التي اهتمت بذلك – تستحق النظر إليها نظرة جديدة ومنحها اللازم من منطلق إيمان حقيقي في قدرتها على إحداث التنمية الاجتماعية التي تساعد بدورها على إحداث التنمية المستدامة وتقريب مصر خطوة جديدة في طريق تحقيق التنمية الشاملة.