د راندا رزق تكتب: التواصل من أجل المسئولية المجتمعية
د راندا رزق
التواصل الإيجابي والحوار البناء لا يخلو من حيانا اليومية، وهو لغة تشارك وتفاهم بقلب وعقل مفتوحين لتبادل الآراء ووجهات النظر بشكل موضوعي على أساس الاحترام المتبادل ؛ لأن الحياة الحقيقية هي التي تنبع من قضية السلام النفسي والمجتمعي،والنابعة من المسئولية المجتمعية، والحوار الهادف لغة بعيدة كلّ البعد عن التعصّب في الرأي بهدف الوصول إلى نتيجة إيجابية، أو على الأقل لا ينتهي بزرع الجوانب السلبية بداخل الأطراف المتحاورة التي تبعد الإنسان عن الهدف المجتمعي الذي ينبع من المسئولية، فهو في هذا الوقت يوضح قاعدة “اختلاف الرأي لا يُفسد للودّ قضية”.
وأعظم مثال لهذا الجانب من الحوار البناء حوار النبي إبراهيم عليه السلام مع أبيه ، ومن واقع المسئولية المجتمعية يستدعي فكره وعقله ففي حوار بناء، وفي موقف يحاول فيه استمالة قلبه للإيمان بالله والذي في نهايته قال له: {سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي}، وهذا وعد من إبراهيم عليه السلام لأبيه بأن يستغفر له ربه، وقد وفَّى بذلك الوعد فقال تعالى عنه: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41].
ومن واقع البحوث والدراسات التي اهتمت بهذا النوع رأينا أسبابًا للحوار من شأنها تجعل كلّ واحد يلجأ إلى استخدام الحوار سواء في المنزل، أو في العمل، أو في أي مكان آخر، فالحوار يسهم في بناء جسور التواصل وتعزيز التماسك الاجتماعي ، ويساعد في بناء العلاقات في المجتمع وتقويتها ، ويعمل على ترسيخ قيم التواصل بين الأفراد ، ولهذا فهو يوفّر منصة لمشاركة الآراء ولتبادل وجهات النظر بين أفراد المجتمع، لتحقيق الانسجام المجتمعي.
وإذا كان الحوار وسيلة لمشاركة الأفكار الثقافية المتنوعة بين مختلف الشعوب والأعراق فهو أداة تواصل هادئة تتطلب احترام الخصوصية الثقافية والاجتماعية وتقبّل الآخر ، مما يؤدي إلى التآلف بين الناس ونشر المحبة؛ لأنه يعطي الفرصة لطرح الرؤى والأفكار ضمن بيئة تحتضن المسئولية المجتمعية.
ومن النظرة الواعية والدراسات البحثية نجد أن الهدف الأسمى من الحوار الإيجابي أن يكوِّن المتحاور والمستمع فكرة واضحة، أو ينحاز إلى أحد الطرفين، فهناك التوصل إلى نقطة تلاقي مناسبة ونتيجة ايجابية للحوار تهدف إلى الخير والحق، وثمة انتهاء الحوار بدون نتيجة، وذلك عند تمسك كل طرف برأيه؛ حيث ينتهي الحوار من غير أن يفسد للود قضية، وهناك ثمرة الحوار عند من يرون هذا النقاش سواء تقاربت أفكار المتحاورين أو تباعدت، فإن السامع لهذا الحوار أو المشاهد له يخرج بفكرة واضحة عن موضوع الحوار، ويُقلِّب ما يعرفه من حقائق؛ حتى يكوِّن لنفسه رأيًا مستقلاًّ.
وفي النهاية نرى ضرورة فتح قنوات حوار للتفعيل المُوسَّع للمسئولية المجتمعية، وعلى أن تتأسس الحوارات على فهم عميق دقيق لواقع المجتمعات.