أخبار ومتابعاتمقالات الرأى

د راندا رزق تكتب: أثر المسرح على الأطفال ذوي القدرات الفائقة.

يأتي المسرح في مقدمة وسائل الاتصال وأحد المحركات المهمة لمحور التنمية الفكرية والتربوية في السلوك والتعليم؛ لأنه وسيلة راقية ومؤثرة في العقول البناءة، بما له من خاصية مباشرة وفورية في مخاطبة العقل والوجدان معًا، ولقد عبر (مارك توين) في كتابه (مسرح الطفل) عن أهمية ظهور مسرح الأطفال والاهتمام المتعاظم به بقوله: «أعتقد أن مسرح الأطفال أعظم الاختراعات التي تمت في القرن العشرين، إنه أقوى معلم للأخلاق، وخير دافع إلى السلوك الطيب، اهتدت إليه البشرية».
ولهذا فإن مسرح الطفل ضرورة حتمية من أجل تنمية السلوك الإبداعي عند الأطفال، ومن أجل تطوير سلوكياتهم وتنمية مهارتهم، كذلك بما يوجهه من قيم راشدة وسلوكيات طيبة في وجدانهم الصغير، فالمسرحية تمتاز عن القصة في أدب الأطفال، بأنها تسمح بتجسيد العمل الفني أمام الطفل.
ونظرًا لأن الطفل هو المستقبل الواعد للمجتمع، فالواقع يفرض علينا جميعًا أن نتعاون من أجل بناء شخصية أبنائنا بصورة صحية وسليمة، والأمر يزداد ضرورة ووجوبًا إذا كان الأطفال هم من ذوي القدرات الفائقة.
ولا نبالغ إذا قولنا أن التقدم الإنساني والحضاري الذي تنشده أية دولة من الدول أو أي مجتمع من المجتمعات إنما يعتمد إلى حد كبير على التوسع المقصود في معرفة القوى والعوامل التي تتحكم في حياة أفراده خاصة في مرحلة الطفولة، ففي هذه المرحلة تشرع قوى الحياة في الانبثاق والنمو، والتعامل بصدق وواقعية مع الظروف والمؤثرات التي تحيط بالطفل وكيفية توجيه سلوك هذا الطفل للتعلم والتعايش مع تلك المؤثرات، حتى وإن كان من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ومن أهم التغيرات المعنية في مجال ذوي القدرات الفائقة استخدام النشاط المسرحي معهم، وفلسفة هذا الاتجاه هي أن من أهم حقوق ذوي القدرات الفائقة حقهم في التعبير عن مكنوناتهم الذاتية، والطريقة الأيسر في هذا تكون عن طريق التخيل والتجاوب والتفاعل.
ومن ثمَّ يُعد النشاط المسرحي من أبرز تلك البرامج وأكثرها نفعًا للأطفال ذوي القدرات الفائقة، وهو أحد الأنشطة المهمة التي تساعد على نمو سلوك الطفل في مختلف الجوانب العقلية والانفعالية والسلوكية، كما أنه يساعد في تهيئة المناخ الذي يعمل على اكتساب كفاءة أعلى في مختلف المهارات؛ حيث إن دوره النفسي يتمثل في التنفيس عن الانفعالات المكبوتة، وكشف القلق، وإزاحة التوتر والإفراط في الحركة، وتعديل السلوك، كما يساعد على تنمية واستخدام الخيال لديه، كما أن التدريبات التي يمر بها الطفل لتقديم عرض مسرحي، له دور كبير في التشجع على اللغة الشفوية الصحيحة، وتنمية الثقة بالنفس والقدرة على المشافهة والمواجهة.
ومن هنا لا بد من تنمية مهارات ذوي القدرات الفائقة ودمجهم في المجتمع، وتكوين الوعي الكافي تجاه قضياهم، وهذا لم يك يتحقق بأي نشاط آخر بقدر ما يحدثه المسرح، وذلك لما يملكه من عامل جذب خاص ، وما يخلقه من سلوك طيب بين المشاركين، ويدمجهم في شخص واحد يعبر عن ما بداخله في عالم جذاب ومشوق، وبعدها يمكن للأطفال ذوي القدرات الفائقة أن يكونوا ثروة يمكن الاستفادة بهم في إحداث عملية التقدم المرجوة، وذلك إذا ما تم رعايتها بالشكل المطلوب، ودعمها بكافة السبل على كافة الأصعدة.

زر الذهاب إلى الأعلى