د. خالد غانم يكتب: سيناء البقعة المباركة
منذ نشوء الكون وبدء التاريخ
واسم مصر يتجلى في والآفاق والتاريخ دينيًُّا وحضاريًُّا وانسانيًُّا
فمصر نور سماوي تلاقت فيها أنوار الوحي الإلهي مع أنوار بعض الأنبياء والمرسلين
فمصر تاريخيًّا ترتبط بحفيد النبي نوح عليه السلام، الذي سميت باسمه مصر بن بيصر .
وعلى أرضها ولد وعاش أنبياء ورسل كثيرون، ودار على أرضها حوار فريد بين الله عز وجل وموسى عليه السلام، وإلى مصر لجأت السيدة مريم العذراء والسيد المسيح عليهما السلام ليعيشا آمنين، ثم تزوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من السيدة مارية القبطية المصرية وأنجب منها إبراهيم ابنه، فتلاقت أنوار الوحي مع أنوار النبوة والانبياء
فاحتضنت مصر بعض الأنبياء، ولامست أقدامهم ثراها الطيب،
واحتضنت أكثر من عشرين ألف من صحابة رسول الله، ثم الكثير من كبار التابعين والعلماء والمصلحين ، وأوصى بها رسول الله خيرا فقال:
“إنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ أرْضًا يُذْكَرُ فيها القِيراطُ، فاسْتَوْصُوا بأَهْلِها خَيْرًا؛ فإنَّ لهمْ ذِمَّةً ورَحِمًا،”أبو ذر العفاري ( صحيح مسلم )
فالرَّحمُ لكونِ هاجر أُم سماعيلَ منهم، وأمَّا الصِّهرُ فلِكونِ ماريةَ أُمِّ إبراهيمَ ابنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ منهم.
وعلى أرض سيناء دار أعظم حوار بين الله تعالى وكليمه النبي موسى عليه السلام،
تلكم مناداة سيدنا موسى عليه السلام فيها بقوله سبحانه وتعالى: “وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىٰ * إِذْ رَأَىٰ نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَىٰ * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى”( سورة طه9-12)
ثم تكرر الحوار الكريم، ومُزج بالطلب أثناء الخروج،
يقول الله سبحانه وتعالى: “وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ” (الأعراف 143)
وهذه ظاهرة كونية فريدة الوجود، فسيناء هي الأرض الوحيدة في الكون التي تجلى فيها المولى الكريم لنبيه موسى “عليه السلام” الذي خر صعقًا.
وهي البقعة الطيبة التي حماها الله تعالى وباركها، ودافع عنها كل مصري أصيل، وذب عنها جيشنا المصري، وجنودنا البواسل ونافحوا.
يقول جمـال حمـدان:
رَفَعَ الإِلَهُ مَقَامَهَا , وَأَجَلَّهُ ** فِيْ الذِّكْرِ , وَالتَّوْرَاةِ , وَالإِنْجِيْلِ
فيِ طُوْرِ سَيْنَاءٍ تَجَلَّىَ رَبُّنَا ** فوْقَ الكَلِيْمِ , بِأَوَّلِ التَّنْزِيْلِ
يَا مِصْرُ : يَرْعَاكِ الإِلَهُ كَمَا رَعَىَ ** تَنْزِيْلَهُ مِنْ عَابِثٍ وَدَخِيْلِ !!