مقالات الرأى

د خالد غانم يكتب: إشارات حمراء

 

لأول وهلة تطالعنا إحدى البدهيات الضرورية للإنسان، وهى أن يحصل على أهم مقوم من مقومات حياته وهو المطعم، ويظل آمنا على وصوله إليه، فلا ينبغي أن تكون النظرة إلى الدنيا وملذاتها نهْمة جارفة وبغيضة لدى الإنسان، فيلحق الضرر بالآخرين من خلال الوارد من المنتجات الغذائية أو الصادر، وهذه تصور فظاعة البعض في رغبتهم العيش بهناءة ورغد، حتى ولو على أكتاف الآخرين، وقتْل قواهم، أو سلْب حقوقهم المشروعة.

هدف نبيل ينبغي أن نعمل على تفعيله ، حتى نحافظ على مقدراتها وثرواتها، ومشروعاتها وهو الشعور بالآخرين والقيام بضروريات حاجاتهم بتوفيرها والحفاظ عليها؛ لكن بعض الأفراد يستغلون الشعب بالمتاجرة في أقواتهم، والقيام باستغلال المعروض لصالحهم، والقضية تحتم العمل الجماعي الذي تؤصله الدولة للحد

من حالة الاستغلال والاحتكار بضخ نفس السلع، وتقديم أفضل الوسائل

بأسعار مقبولة، أو هامش ربح لا يؤثر سلبًا على البائع أو المشتري.

ولنا أن نتخيل ما ضير المجتمع إذا نظرنا بإيجابية لمسألة تسعير السلع كخطوة مبدئية للقضاء على الاحتكار والاستغلال أو ـ على الأقل ـ الحد منهما؟! فالتسعير أشد طلبًا حينما تتفشى الأثرة، وتستشري الأنا.

هذه مَزِيَّة تفتح نطاق أوسع للعمل وزيادة الإنتاج، وتمد يد العون لذوى الكربات والمحتاجين، وحالة من الشعور الفردي بموقف ايجابي ، وهو نوع من أنواع الشعور بممارسة الحياة الكريمة في المجتمع.

فالغلاء الفاحش والواضح في الكثير من السلع الغذائية نذير شر وضرر ، ريثما وجدنا صورًا عديدة من الاحتكار والاستغلال والترف عند البعض، وقلة اليد

عند الآخرين.

فنحن ـ لا ريب ـ إزاء إشارات حمراء متينة تمنع فئةً ـ من المتسولين على أقوات الشعب ومحتكري السلع والبعض بائس مُعْتَر ـ من الخطى قدما ـ نحو التضخم الانتحالى، وقوقعة الثروة، ومحدودية الدخل.

والمنهج الأسمى أن تُفعل القوانين المنظمة للبيع والشراء، وتمنع الاحتكار والمتاجرة بحاجات الناس، ومع القوانين يأتي الدور الرقابي للتفعيل الحقيقي لهذه القوانين، وضروة الاهتمام بالوجه الآخر للدور الرقابي من خلال الوازع الديني والضمير الإنساني الذي ينمي الشعور بالآخرين، والفرح لأفراحهم والألم لأترحهم، وهذه إشارات حمراء.

زر الذهاب إلى الأعلى