
الحوار الديني ضرورة يستلزم التعامل مع قضايانا بالاتحاد ووحدة المصير، والمسلمون لا يمكن إلا أن يكونوا أمة واحدة، مهما اختلفت بلدانهم أو بعدت المسافات بينهم أو اللغات، فهذا وصف الله سبحانه وتعالى لنا ولا يمكن تغييره قال تعالى: « كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ»، ومن ثم فحوار الأديان هو فرع من الحوار بصورة عامة، والحوار ما هو إلا تفاعل معرفي بين متحاورين تتم فيه قراءة فكر الآخر بوضوح وعن قرب، والتعرف على نظرته للمختلف معه في الدين أو الثقافة أو العادات والتقاليد، والحوار الديني ضرورة مهمة وملحة لبيان حقيقة الأديان، وتحديدًا بالنسبة لنا الدين الإسلامي، وموقفه من المختلف معه سواء في العقيدة أو الثقافة، ومنهجه في الحوار معه بالحكمة والموعظة الحسنة، ورفضِه للصراع والتصادم وكلِّ من يدعو إليهما، والدعوة لخلقِ روحِ السلام بين كافَّة البشر على اختلاف أجناسهم ودياناتهم، والاتفاقِ على قيمٍ إنسانيةٍ مشتركةٍ تهدفُ للتعايشِ والتسامحِ والتعاونِ والسلام، وقبول الآخر والاعتراف بحقوقه، وحريته سواء الدينية أو المدنية،
وللأسف فإن الصورة النمطية عن الدول الإسلامية والعربية ظلت لفترة طويلة تُبنى على أنها دول لا تعنى بغير الدين الإسلامي، وهذه صورة غير صحيحة، فنحن دول إسلامية نفتخر بديننا ولكن بين ظهرانينا يعيش العديد من أتباع الديانات الأخرى، والإسلام حثنا على احترام أتباع هذه الأديان، والغرب يعرف ذلك، ويعلم أن ما يشاع عن الإسلام والدول العربية غير صحيح.
ولهذا تأتي الأهمية الواقعية لمراكز الحوار الديني في الدول الإسلامية ومنها مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان ومركز حوار الأديان بالأزهر الشريف ومركز الملك عبد الله بالمملكة العربية السعودية من حيث الدور الكبير والمسؤولية العظيمة لتصحيح هذه الصورة لدى الغرب عن الإسلام والمسلمين، حتى نتعامل مع قضايانا كلها السياسية والاقتصادية والاجتماعية ، بكل ما نملك من أدوات الاتحاد، والدعم والمناصرة ووحدة المصير وكل هذه المعاني، وهذا ما كانت عليه الحضارة الإسلامية العريقة في أوج ازدهارها كانت رايتها واحدة هي راية الإسلام والأخوة الإسلامية.