الحوكمة والتشريعات الوظيفية (2) د عزيز أبو الليل: الجهازي الإداري من القديم إلى المعاصرة
يوسف خالد
تقدم بوابة أربيان يوتوبيا لقرائها الكرام الفقرة القانونية والثقافية الأولى حول الحوكمة، وحيثيات التشريعات الوظيفية ، وفي هذا الإطار تقول أ. د راندا رزق الأمين العام للمجلس العربي للمسئولية المجتمعية ورئيس مجلس إدارة يوتوبيا إن هذه الفقرة تهدف إلى بيان أطر الحوكمة والقوانين اللازمة لذوي الأعمال في المؤسسات المختلفة، وتبين ضرورة الالتزام بأحكام القوانين واللوائح والقرارات والنظم المعمول بها والعمل على تطبيقها، والقيام بالعمل المنوط به بدقة وأمانة، وإنجازه في المواعيد المناسبة طبقاً لمعدلات الأداء المقررة.
وأضافت رزق أن الهدف يدور في فلك التثقيف والتعاون المستقيم، من أجل معاونة المختصين على التطبيق السليم لقوانين ونظم الخدمة المدنية في مختلف قطاعات الدولة، وذلك لرفع معدلات الأداء وتقليل المخاطر وتجنب الأخطاء.
فيما أشار د خالد غانم مدير تحرير يوتوبيا والمستشار العلمي للمجلس إن هذه الفقرة تصب في قالب التعرف على أوجه الجودة فى التشريعات المنظمة لدور مؤسسات وأجهزة الخدمة المدنية في المنظمات الحكومية، وذلك لمسابقة الزمن في تفعيل التنمية المستدامة ومجالاتها.
د عزيز أبو الليل: الجهازي الإداري من القديم إلى المعاصرة
يُعد الجهاز الإداري للدولة المصرية من أقدم الأجهزة الإدارية فى العالم، وتضرب جذوره فى التاريخ بعمق خمسة آلاف عام قبل الميلاد كقدم الحضارة التى نشأ فى ظلها؛ إذ أنه كان من سمات المجتمع الفرعوني وجود نظام إداري متين وصارم قائم على تنظيم المجتمع الزراعى وطبقة العمال والكهنة والبلاط الفرعوني، وهو ما تؤكده شواهد تلك الحضارة وآثارها والدلائل عليها، ومع تعاقب الأزمات واختلاف المكان ومرور الزمان ظل الجهاز الإداري سند للمواطن وأداة الدولة لتحقيق غايتها القومية.
ولتوضيح كيفىة تطور الجهاز الإداري فى مصر؛ كان لزامًا أن نستعرض تاريخه ونرصده من خلال القوانين المنظمة له للوقوف على مقصد الشارع من إنشائه والمهام المنوطة به وتكوينه وتحديد البنيان الهيكلى له بعد ذلك.
أسس محمد على عام ١٨٠٥ الجهاز الإداري للدولة بإنشاء ديوان الوالى ليختص بشؤون العاصمة، والفصل فى المشاكل بين الأهالى والأجانب على السواء، وشكل فى الديوان مجلسًا يضم أربعة علماء يمثلون المذاهب الأربعة للنظر فى مسائل المواريث والوصايا والجنايات الكبرى.
ثم صدر فى عام ١٨٣٧ قانون “السياستنامة” وحدد السلطة فى سبعة دواوين ُسِّميت دواوين العموم يرأس كل منها موظف يسمي “الكتخدا”، وهى: الديوان العالى (الداخلية)، ديوان الجهأدية (الحربية)، ديوان البحر (الأسطول)، ديوان الايرادات (المالية)، ديوان المدارس (المعارف)، ديوان الأمورالافرنجية والتجارة المصرية (الخارجية)، وديوان الفابريقات (الصناعة).
صدر أمر والى مصر (عباس باشا الأول) فى عام 1854 بتعيين أول محافظ للعاصمة (محافظ المحروسة).
أصدر والى مصر محمد سعيد باشا فى عام 1857 قرارًا برفع ثلاثة دواوين إلى مستوى النظارات مع تعديل اختصاصها وأسمائها، وهى نظارة الداخلية، ونظارة الجهادية، ونظارة المالية، وعين لكل منها ناظرًا، وفى عام 1858 عين ناظرًا لديوان الخارجية، وفى عام 1864 استحدثت نظارة الأعمال الهندسية التى كانت ضمن اختصاص نظارة الداخلية وأُطلق عليها نظارة الأشغال العامة.
أنشئ ديوان الحقانية فى عام 1872 ليختص بأعمال القضاء والتى كانت من اختصاص نظارة الداخلية.
عُينت أول حكومة بالمفهوم الحديث فى عهد الخديوي اسماعيل، وكان أول رئيس لوزراء مصر هو بوغوص نوبار باشا، عن الفترة من 28 أغسطس 1878 حتي 23 فبراير 1879، وكانت مُشكلة من ست نظار (وزراء) لعدد تسع نظارات أى وزارات.
كان أول تنظيم لشئون الموظفين فى مصر تمثل فى عدد من الأوامر والفرمانات الخديوية التى صدرت عام 1883، وكان أول كادر يحدد المرتبات للرتب المدنية صدر بأمر من الخديوي سعيد باشا عام 1862، وصدر أول كادر لدرجات الموظفين وترقياتهم عام 1907، ثم كادر آخر عام 1921، ثم ثالث عام 1939، والذى استمر حتى عام 1951.
كان أول تشريع أختص بتنظيم شئون الموظفين والوظيفة العامة فى مصر الحديثة؛ القانون رقم (210) لسنة 1951، والذى نظم العلاقة الوظيفىة بين العامل وجهة الإدارة من حيث التعيين، والترقيات، والأجور، وأخذ بمبدأ تكافؤ الفرص بين المواطنين والأجانب فى شغل الوظائف، واستمر هذا القانون لمدة ثلاثة عشرسنة، ثم جاء القانون رقم (46) لسنة 1964، واستمر لمدة سبع سنوات فقط . ثم صدر بعد ذلك القانون رقم (58) لسنة 1971 واستمر أيضًا لمدة سبع سنوات، ثم جاء بعد ذلك القانون رقم (47) لسنة 1978 بنظام العاملين المدنين بالدولة واستمر فى التطبيق ثمانية وثلاثين عامًا وهو أطول قوانين الخدمة المدنية عمرًا، ثم قانون الخدمة المدنية الصادر بالقرار بالقانون رقم (18) لسنة 2015 والذى لم يقر من مجلس النواب بالقانون رقم (1) لسنة 2016،وأخيرًا صدر قانون الخدمة المدنية الحالى وهو القانون رقم (81) لسنة 2016 والذي بدأ العمل به اعتبارًا من 2 نوفمبر 2016.
من جماع ما تقدم، يتبين كيف مر الجهاز الإداري للدولة بمراحل متعددة، وكيف كان من أقدم الأجهزة الإدارية في العالم، لكن الأمر يتطلب النظر في نظام الدولة المصرية السياسي والإداري في ظل دستور عام 2014.