الحوكمة والتشريعات الوظيفية (12) د عزيز أبو الليل: التوصيات في المحور التشريعي لتطوير الجهاز الإداري للدولة:
يوسف خالد
تقدم بوابة أربيان يوتوبيا لقرائها الكرام الفقرة القانونية والثقافية الأولى حول الحوكمة، وحيثيات التشريعات الوظيفية ، وفي هذا الإطار تقول أ. د راندا رزق الأمين العام للمجلس العربي للمسئولية المجتمعية ورئيس مجلس إدارة يوتوبيا إن هذه الفقرة تهدف إلى بيان أطر الحوكمة والقوانين اللازمة لذوي الأعمال في المؤسسات المختلفة، وتبين ضرورة الالتزام بأحكام القوانين واللوائح والقرارات والنظم المعمول بها والعمل على تطبيقها، والقيام بالعمل المنوط به بدقة وأمانة، وإنجازه في المواعيد المناسبة طبقاً لمعدلات الأداء المقررة.
وأضافت رزق أن الهدف يدور في فلك التثقيف والتعاون المستقيم، من أجل معاونة المختصين على التطبيق السليم لقوانين ونظم الخدمة المدنية في مختلف قطاعات الدولة، وذلك لرفع معدلات الأداء وتقليل المخاطر وتجنب الأخطاء.
فيما أشار د خالد غانم مدير تحرير يوتوبيا والمستشار العلمي للمجلس إن هذه الفقرة تصب في قالب التعرف على أوجه الجودة فى التشريعات المنظمة لدور مؤسسات وأجهزة الخدمة المدنية في المنظمات الحكومية، وذلك لمسابقة الزمن في تفعيل التنمية المستدامة ومجالاتها.
———-
د عزيز أبو الليل: التوصيات في المحور التشريعي لتطوير الجهاز الإداري للدولة(12):
استعرضنا في الحلقة السابقة (الحادية عشر) الجزء الثاني من المرتكزات التي يمكن الاستناد إليها في عملية تطوير الجهاز الإداري للدولة، وهي المرتكزات في المحور الوظيفي ومحور التدريب ومحور التعيينات، وسبقهم قبل ذلك المرتكزات في المحور التشريعي، وفي هذه الحلقة نتناول التوصيات لتطوير الجهاز الإداري للدولة، ونبدأها المحور التشريعي، ويمكن تناولها كالتالي:
الهدف في المحور التشريعي:
وجود بناء تشريعي واضح غير متداخل يواجه تضخم الجهاز الإداري للدولة، ويُحد من ترهله، ويَسد الثغرات المحيطة به.
فهناك سياسات تحقيق ذلك الهدف فى المحور التشريعى وهي:
(1) إزالة التعارض التشريعى بين المادة (21) من القانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون (148) لسنة 2019 والمادة (70) من قانون الخدمة المدنية الصادر القانون رقم (81) لسنة 2016.
(2) توحيد النظام التشريعي والوظيفي فى كل الوحدات الإدارية؛ لحوكمة الجهاز الإداري، وعدم تفلت أيًا من وحداته خارج السياق الإداري، مع إعادة مراجعة اللوائح الخاصة بالهيئات العامة سواءً الاقتصادية منها أو الخدمية.
(3) اتسام التشريعات بالوضوح، ودقة النصوص، وتحديد المعنى بحيث لا تحتاج إلى تشريعات إضافية لتفسير الأصلية، كما أنها لا بد أن تتسم بعدم اللبس.
أما آليات تنفيذ ذلك الهدف فى المحور التشريعى فتكمن في الآتي:
(1) تفعيل دور مجلس النواب التشريعى فى تجميع كافة القوانين الوظيفية والحيلولة بين وجود تعارض بينها، مع عمل تحديث للقوانين القديمة، ودمجها فى القوانين الحديثة.
(2) تفعيل دور الجهاز المركزى للتنظيم والادارة الوارد بالقانون رقم (6) لسنة 2021 بتعديل قانون إنشاء الجهاز رقم (118) لسنة 1964 فيما يتعلق بدوره فيما ورد بالفقرة الأولى من المادة (5) منه، والتى تنص على اختصاص الجهاز بـــ “1- اقتراح القوانين واللوائح الخاصة بالعاملين وإبداء الرأي في مشروعات القوانين المتعلقة بشئونهم، والموافقة على اللوائح المتعلقة بشئونهم قبل إقرارها”، ومن ثم أخذ رأى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة فى القوانين واللوائح الخاصة بالعاملين والمزمع إصدارها حتى لايحدث ثمة تعارض أو تشابك بين القوانين.
(3) حصر القوانين المنظمة للعمل الإدارى فى الجهاز الإدارى للدولة، ومراجعتها بهدف تنقيتها بما يتفق وسياسة الإصلاح الإدارى.
ومن جملة ما تقدم، يمكن التوصية في المحور التشريعي بالآتي:
التوصية الأولى:
تعديل الفقرة الأولى من المادة (21) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019، والتى تنص، على أن “يستحق المعاش فى الحالات الآتية:
أ- بلوغ سن الشيخوخة..” وذلك باستثناء المعاش المبكر وفقاً لنص المادة (70) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016 من تطبيق هذا النص، والتى حددت الخروج على المعاش المبكر فى سن (50-55)، مما يسمح لهم حال الخروج على المعاش المبكر قبل السن القانوني الحصول على معاشه.
والعائد من التوصية هو :
(1) إزالة التعارض بين النصوص التشريعية، والذى كثيرًا ما أحدث لبسًا لدى العاملين، ويُحدث زعزعة للثقة فى القواعد القانونية.
(2) تسهيل عملية الخروج على المعاش المبكر مما يساهم بشكل كبير فى تقليل العمالة لاسيما كبار الموظفين حيث إن تطبيق نص المادة (21) من قانون التأمينات سالفة الذكر ترتب عليه إحجام الموظفين عن تقديم طلبات الخروج على المعاش المبكر قبل بلوغ السن القانونى للمعاش، ومن ثمة تقليل النسب التى كانت متوقعة من قبل الدولة فى هذا الشأن.
(3) حلول الفئة الأقل سنًا مكان من يخرجون على المعاش المبكر؛ مما قد يدفع بدم وفكر جديد للجهاز الإداري للدولة يساعده على استعادة نشاطه.
التوصية الثانية :
إنشاء إدارة أو لجنة بكل وحدة إدارية تكون مهمتها تجميع وحوكمة كل التشريعات الوظيفية الخاصة بها، لاسيما القوانين القديمة، وتنقية تلك التشريعات، وإضافة التشريعات المتعلقة بالتحول الرقمي، مع تجميع تلك الدراسات لدى الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة صاحب الاختصاص الأصيل فى ذلك –تطبيقًا لما ورد بتعديل الفقرة الأولى من المادة الخامسة من القانون رقم (6) لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة الصادر بالقانون رقم (118) لسنة 1964 سالفة الذكر- تمهيدًا لاتخاذ الإجراءات القانونية لإصدار تشريع موحد للجهاز الإداري للدولة يسرى بذات القواعد على كل العاملين بالدولة دون تفرقة؛ عدا الجهات ذات التعامل الخاص، والتى يحال لوضع قواعد خاصة بها عن طريق اللوائح التى لا بد وأن تدرس فى ضوء القواعد العامة، مع إضافة بعض الأمور الخاصة بتلك الجهات، والتى تتفق وطبيعة نشاطها، وذلك فى أضيق الحدود “مواد قليلة”، ويتم التصديق على تلك اللوائح قبل إصدارها من وزارة المالية نظرًا لارتباطها بمسائل مالية بالطبع، أما بقية الجهات فيسرى عليها قواعد قانونية موحدة.
والعائد من التوصية:
(1) القضاء على تعدد وتعقد التشريعات الوظيفية التى تثقل كاهل الجهاز الإدارى للدولة، وتحدث نوعًا من الخلط والتداخل بين اختصاصات الجهات الإدارية؛ مما قد يحدث كثيرًا من مظاهر الفساد الإداري والبيروقراطية الإدارية.
(2) إحداث نوع من المساواة والعدالة بين الجهات الإدارية من حيث القواعد والأطر المنظمة للشئون الوظيفية.
(3) سهولة تعرف جميع العاملين بالجهاز الإداري للدولة على القواعد المنظمة لعملهم لاسيما مع إمكانية التنقل بين جنبات الجهاز الإداري للدولة (فى حالتى النقل والندب بين الجهات الإدارية).
أخيرًا… وبعد استعراض التوصيات في المحور التشريعي لتطوير الجهاز الإداري للدولة، فما هي التوصيات في المحاور الأخرى لتطوير الجهاز الإداري للدولة؟ وهو ما سوف نستعرضه في الحلقات القادمة إن شاء الله تعالي.