الحوكمة والتشريعات الوظيفية للدكتور عزيز أبو الليل: أهم النقاط في حوكمة التشريعات الوظيفية(16).

تقدم بوابة أربيان يوتوبيا لقرائها الكرام الفقرة القانونية والثقافية الأولى حول الحوكمة، وحيثيات التشريعات الوظيفية ، وفي هذا الإطار تقول أ. د راندا رزق الأمين العام للمجلس العربي للمسئولية المجتمعية ورئيس مجلس إدارة يوتوبيا إن هذه الفقرة تهدف إلى بيان أطر الحوكمة والقوانين اللازمة لذوي الأعمال في المؤسسات المختلفة، وتبين ضرورة الالتزام بأحكام القوانين واللوائح والقرارات والنظم المعمول بها والعمل على تطبيقها، والقيام بالعمل المنوط به بدقة وأمانة، وإنجازه في المواعيد المناسبة طبقاً لمعدلات الأداء المقررة.
وأضافت رزق أن الهدف يدور في فلك التثقيف والتعاون المستقيم، من أجل معاونة المختصين على التطبيق السليم لقوانين ونظم الخدمة المدنية في مختلف قطاعات الدولة، وذلك لرفع معدلات الأداء وتقليل المخاطر وتجنب الأخطاء.
فيما أشار د خالد غانم مدير تحرير يوتوبيا والمستشار العلمي للمجلس إن هذه الفقرة تصب في قالب التعرف على أوجه الجودة فى التشريعات المنظمة لدور مؤسسات وأجهزة الخدمة المدنية في المنظمات الحكومية، وذلك لمسابقة الزمن في تفعيل التنمية المستدامة ومجالاتها.
———-
د عزيز أبو الليل:
أهم النقاط في حوكمة التشريعات الوظيفية(16):
استعرضنا في الحلقات السابقة – وعددها (15) حلقة – كيف كان الجهاز الإداري للدولة المصرية من أقدم الأجهزة الإدارية فى العالم، والذي تضرب جذوره فى التاريخ بعمق خمسة آلاف عام قبل الميلاد كقدم الحضارة التى نشأ فى ظلها، وكيف أسس محمد على عام ١٨٠٥ الجهاز الإداري للدولة الحديثة بإنشاء ديوان الوالى، وكيف كان أول تشريع أختص بتنظيم شئون الموظفين والوظيفة العامة فى مصر الحديثة بالقانون رقم (210) لسنة 1951، حتى صدر أخر تشريع وظيفي بقانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016.
كما استعرضنا مكونات الجهاز الاداري للدولة من الوزرات والمصالح والهيئات العامة (الخدمة والاقتصادية) وكذلك وحدات الادارة المحلية، واستبعدنا منه شركات القطاع العام وشركات قطاع الاعمال العام (الشركات القابضة والشركات التابعة).
كما رأينا كيف أخذت مصر من الأهداف الأممية السبعة عشر للتنمية المستدامة رؤيتها لعام 2030 ووضعت اهدافها الثمانية، والتي انبثق عنها أهداف أخرى فرعية، واستعرضنا منها الهدف السادس ألا وهو “حوكمت مؤسسات الدولة والمجتمع”، ورأينا كيف أن الحوكمة تهدف إلى تعزيز الأمن والشفافية والفاعلية لمواءمة الإدارة بشكل أفضل مع التوقعات العامة، وكيف يكون الإدارة الرشيدة في قدرة الدولة على تقديم الخدمات العامة دورًا مهمًا فى تسريع تقدم الدولة نحو أهداف التنمية المستدامة.
ثم عرَّجنا على كيفية تكوين البناء التنظيمي للجهاز الإداري من عدة وظائف مختلفة، فلكى تُكَون جهازًا إداريًا تكون مهمته تحقيق أو تنفيذ أهدافًا معينة، فلابد لك من أن تُقِيمَ هيكلًا مناسبًا تتكامل وظائفه وتتعاون لكى تؤدي فى النهاية إلى تحقيق تلك الأهداف، ورأينا كيف تدرجت السلطات والمسئوليات على شكل سلم إداري على مستويات ثلاثة (مستوى الإدارة العليا – مستوى الإدارة الوسطى- مستوى الإدارة الدنيا أو التنفيذية).
ثم رأينا كيف تضخم الجهاز الإداري للدولة عن طريق التعيينات العشوائية القديمة كأحد أهم المحددات الهامة التي تقف حجر عسرة في مواجهة استكمال عملية تطوير الجهاز الإداري للدولة، بجانب البطالة وكثرة التشريعات الوظيفية وتداخلها، وذلك على مستوى المحاور الأربع التي تم تناولها (التشريعي والوظيفي والتعيينات والتدريب).
وجاءت الإرادة السياسية لعملية التطوير كأحد أهم المرتكزات التي يمكن الارتكاز عليها في عملية تطوير الجهاز الإداري للدولة ،بجانب صدور قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016، وما اشتمل عليه من إعادة هيكلة الوحدات الإدارية وتحجيم التعيينات وغيرها من الأمور، وذلك في المحاور الأربعة سالفة الذكر، وكذلك صدور القانون رقم (6) لسنة 2021 بتعديل قانون الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة رقم (118) لسنة 1964 باقتراح القوانين واللوائح الخاصة بالعاملين وغيرها من الأمور.
وانتقلنا إلى ما يمكن أن نوصي به لتطوير الجهاز الإداري للدولة في المحاور الأربعة سالفة الذكر، والتي يمكن إجمالها بالتوصية في المحور التشريعي بتعديل المادة (21) من قانون التأمينات الاجتماعية الصادر بالقانون رقم (148) لسنة 2019 فيما يتعلق بتعارضها مع المادة (70) من قانون الخدمة المدنية الصادر بالقانون رقم (81) لسنة 2016 بشأن الخروج على المعاش المبكر، بجانب حوكمة وتجميع التشريعات الوظيفية لاسيما القديم منها لسهولة التعرف عليها وتطبيقها دون تعارض بينها، وفي المحور الوظيفي أوصينا بالاستمرار في إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة وهو ما بدء تنفيذه حاليًا، وفي محور التعيينات؛ أوصينا بحوكمة التعيينات بالحد منها إلا فى الوظائف والتخصصات والمهن التى يحتاج إليها، مع الأخذ في الاعتبار التقليل من نسبة البطالة وذلك بإلغاء نظام التعيين الدائم والتوجه نحو التعاقد بمدة طويلة بحيث يكون اجباري في التعيينات الجديدة واختياري للمعينين بالفعل في الجهاز الإداري للدولة، وفي محور التدريب كانت التوصية بعمل خطة متكاملة لتنمية المهارات قبل التعيين خلال فترة الاختبار؛ تدريب لمدة ثلاثة أشهر يغطى المعلومات الأساسية عن الخدمة المدنية بالإضافة إلى المهارات الفنية التى تتطلبها الوظيفة، وبالنسبة للموظفين القائمين بالعمل تقديم سلسلة من برامج التدريب مع تطوير قدرات التدريب الالكترونى لبرامج التدريب المختلفة لمجابهة فجوة المهارات الحقيقية للموظفين ومتطلبات الوظيفة التى يشغلونها بشكل يتماشى وأهداف الجهاز الإداري المستقبلية؛ لاسيما مع اتجاه الدولة إلى التحول المؤسسي الرقمي الذى يتطلب طرق جديدة للعمل بعيدة عن العمل التقليدي، مع زيادة المخصصات التدريبية لهذه النوعية من التدريبات بالموازنات.
وأخيرًا … فما قمتُ به ما هو إلا عمل بشري بشأن حوكمة التشريعات الوظيفية وصولًا لتطوير الجهاز الإداري للدولة قد يعتريه الخطأ والنقصان؛ فما كان من توفيق فمن الله وما كان من خطأ أو نسيان فمنى ومن الشيطان والله منه براء، داعيًا من الله التوفيق والسداد في اختيار سلسلة جديدة نلتقي فيها على خير بإذن الله.